ظاهرة الإرهاب و نظرية “رامبو”

Résultat de recherche d'images pour "‫إرهاب داعش‬‎"

محمد الغول 

غزرت في السنوات الأخيرة التحليلات والدراسات التي يكون موضوعها الظاهرة الإرهابية ، وأسباب جاذبية التنظيمات الإرهابية المسلحة ، وقدرتها الرهيبة على الاستقطاب والتنجيد ، وهي دراسات يقوم بها خبراء وأكاديميون مختصون بشكل منفرد أو عبر مراكز دراسات ، وتخلص في الغالب هذه الدراسات إلى تركز أسباب سهولة الاستقطاب لدى هذه التنظيمات الإرهابية والجهادية إلى لعبها على وتر الحساسية الدينية لدى فئات هشة تعاني الفقر والتهميش في المجتمع وخاصة الشباب ، مبررين خلاصاتهم هذه إلى النسب المئوية المرتفعة من الشباب الضعيف المستوى التعليمي والقادم من هوامش المدن كما المجتمع ضمن خريطة الفئات التي تنظم لهذه الجماعات والتنظيمات الإرهابية.
هذه الخلاصة ولاشك هي صحيحة إلى حد كبير ولكنها مع ذالك تبقى مضللة وتخفي كامل الحقيقة في الأمر ، والملاحظة الدقيقة توضح أن هناك فئات أخرى تنظم إلى هذه التنظيمات لا تنطبق عليها هذه التوصيفات ؛ الفقر ؛ التهميش ؛ والمستوى التعليمي الضعيف أو المنعدم وهي فئة مافتئت تتوسع وهو ما يمكن ملاحظته من خلال أخر عناقيد التنظيمات الإرهابية؛ تنظيم داعش والذي تمكن من استقطاب فئات ذات تعليم عالي ومن أسر غنية وفي نفس الوقت يتمكن التنظيم من تجنيد شباب وفتيان لا علاقة لهم بالتدين وبل يكونون من ذوي السوابق الإجرامية و المدمنين والمتاجرين في المخدرات على عكس ما كان يقع في السابق مع تنظيمات مثل تنظيم القاعدة الذي كان يحرص على صفة التدين في صفوف المنتمين إليه .
هذا المستجد يطرح تحديا جديدا على الأجهزة الأمنية كما على الخبراء والدارسين ولعله أصبح من الأولى تغيير قواعد الدراسة للظاهرة الإرهابية وإعمال القواعد العقدية والنفسية في هذه الدراسات ؛ فكثير من المنتمين لهذه التنظيمات الإرهابية يكون ولائهم قائم على أسباب سياسية ودينية و إيمان راسخ بأن الجهاد هو السبيل الوحيد لتغيير واقع الهوان الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية في تفسير منحرف لقيم الدين الإسلامي الذي يدعو إلى إعمال القيم والأخلاق للتغيير وليس السلاح والقتل ؛ كما تبقى الأسباب النفسية عاملا قويا في دفع شباب وفتيان للانضمام إلى هذه التنظيمات الإرهابية وهو ما أسميه نظرية “رامبو” ؛ فأغلب هؤلاء الشبان تغرهم مظاهر القوة المفرطة التي لعبت على وتره الحساس تلك الفيديوهات الاحترافية لتنظيم داعش ؛ وهو ما يظهر من خلال استقطاب التنظيم لشبان من حاملي السيوف في أحياء هامشية بالمغرب و شبان من زعماء العصابات في مدن أوروبية ؛ تخدعهم استعراضات عناصر داعش المقنعين و المدججين بالأسلحة على غرار جنود القوات الخاصة للدول الكبرى؛ إنه إغراء مظاهر القوة ، زائد وعد المال والجنة لتكتمل قواعد نظرية “رامبو” التي ابتدعتها أفلام هوليوود لشرعنة إلارهاب الأمريكي في مختلف بقاع العالم ويستخدمها حاليا تنظيم داعش بنجاح مستفيدا من التطور الهائل لتكنلوجيا الاتصالات والتصوير والبث عبر شبكة الإنترنيت؛ هذه المستجدات تستدعي تغيير الأجهزة الأمنية والدول من أساليب وقواعد الإستراتيجيات الوقائية التي تعمل بها حاليا، والتي أظهرت عجزا واضحا من خلال عدد الاعتداءات الأخيرة في الدول الأوروبية وإعطاء مساحة أوسع الأساليب الوقائية القائمة على الثقافة و الفكر والتربية والفهم الصحيح للدين .
محمد الغول
mohamed_elghoul@hotmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

هل أتاكم حديث آية الله الفَرْمَسْيَانِي ‎ عزيز غالي ومن معه ؟

بقلم ‎الطالب غازي آية الله الفَرْمَسْيَانِي ‎ عزيز غالي مزال ڭاع مسخن ...