فاطمة حبشي
اختيار المركز المغربي للدراسات و الأبحاث المعاصرة للحالة الدينية موضوع الدين عند المغاربة لاشتغاله، يتناغم مع التركيز الملحوظ في الآونة الأخيرة من قِبَلِ مراكز البحوث، سواء منها العربية أو الغربية، على بحث مسألة التدين وأنماطه وجماعاته، ومعلوم أن علم الاجتماع اهتم منذ أوائل عمليات تأسيسه مع سان سيمون وأوجست كونت، ثم لاحقا مع دوركهايم، بمسألة الدين بوصفه ظاهرة اجتماعية. فأوغل في دراسة أصله وشروط نشأته، وخصائصه باعتباره منظومة قيم، وأشكاله الطقوسية.
و انطلق التقرير من اعتبار رصد الحالة الدينية لمجتمع ما يقتضي الاشتغال على ثلاثة محاور: الأول عقدي ومعرفي ويهم منظومة العقائد والمعارف الدينية، والثاني قيمي ويتعلق بمنظومة القيم والأخلاق، أما الثالث والأخير فهو سلوكي يرتبط بمنظومة العبادات والمعاملات. وهذا التمييز ساعد على دفع محرري التقرير إلى التركيز على التجليات المعلنة والمصرح بها أو المعبر عنها من خلال سلوكات ومواقف ومؤشرات تسمح أن تكون محل رصد، أما من حيث الإطار الزمني فتم عرض وبحث الوقائع الخاصة بالحالة الدينية خلال سنتي 2007 و2008. وذلك وفق تركيب ينطلق من التحديات الداخلية التي تشمل مجالات الأسرة والقيم والشباب والتعليم والفن واللغة، ويختم بالتحديات ذات المنشأ الخارجي كالتشيع من الناحية المذهبية، أو التنصير من الناحية العقدية، أو التطبيع باعتباره مشروعا حضاريا يستهدف تحييد فعالية منظومة القيم الإسلامية.
ولاشك أن قارئ التقرير لابد أن يستوقفه وضع التشيع في نفس الخانة مع التنصير والتطبيع والحديث عنه بوصفه تحديا للحالة الدينية في المغرب؛ لذا ينبه محررو التقرير إلى أن اعتبار التشيع تحديا راجع إلى كونه خطرا على الوحدة المذهبية للمغرب، و يرصد التقرير التوجهات الدينية الكبرى للمغاربة، حيث يكشف عن وجود توجه متنام نحو التدين في صفوف الشباب خصوصا والمجتمع عموما، مع استعداد للانفتاح على مختلف التعبيرات الدينية الحديثة في ظل تراجع الصيغ التقليدية كزيارة الأضرحة وغيرها