الدروس الحسنية هي مكرمة ربانية سنة حميدة انفرد بها المغرب عن سائر بلدان المسلمين

 Résultat de recherche d'images pour "‫الدروس الحسنية‬‎"
متـــــــــــــــــابعة

عرف ملوك الأسرة العلوية الشريفة بحبهم للعلم وتقريبهم للعلماء، والاستماع إلى مناقشاتهم وآرائهم، وكان العلماء لديهم يحظون بمكانة رفيعة ومميزة، وفي هذا السياق، فإن فكرة الدروس الرمضانية التي يرأسها أمير المؤمنين ليست فكرة جديدة، إذ كان ملوك المغرب يحضرون دروساً دينية تقام في القصر الملكي، ويُدعى إليها كبار علماء المغرب يتحاورون ويتناقشون وقد يختلفون في آرائهم، كما كان بعض الملوك معروفاً بعلمه ومشاركاً في هذا النشاط العلمي الديني، وله صلات وثيقة بالعلماء ومتابعة مستمرة للقضايا الفكرية.

وفي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، تغمده الله تعالى برحمه الواسعة، تطورت هذه المجالس واتسع دورها، وأصبحت دروساً يومية يشارك فيها علماء المغرب، ويُدعى لها علماء من مختلف بقاع الفضاء الإسلامي، وتذاع في مختلف وسائل الاتصال والإعلام.

وقد ورث جلالة الملك محمد السادس هذه السنة الحميدة عن أجداده الميامين، تَيمُّنا بالقرآن الكريم وتبركا بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، طبقا للحديث النبوي الشهير، وجاء فيه: “ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم إلا ونزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده”، وهكذا، سار على هذا النهج الصالح بإحياء هذه السنة الكريمة علما بأن “من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة”، بل حافظ عليها، وجَدَّد في شكلها وتوجيهها، وبث فيها روحا جديدة، وجعل يستدعي لها طائفة من علماء الإسلام من المشرق والمغرب، وصفوة من علماء المسلمين المنتمين لمختلف القارات.

Résultat de recherche d'images pour "‫الدروس الحسنية‬‎"

ويبقى أهم تحول شهدته الدروس الحسنية في عهد أمير المؤمنين الملك محمد السادس أيده الله، ذاك المتمثل في إشراك المرأة المغربية العالمة في هذه المجالس، بجانب شقيقها الرجل، وهي في الحقيقة سابقة جديدة من نوعها في تاريخ الدروس الحسنية، وتبقى فريدة من نوعها حتى على مستوى التاريخ الإسلامي، الذي عرف في بعض محطاته إلغاء كليا لعنصر المرأة، وهو عصر عرف بعصر الانحطاط، فها هو جلالته يعيد للمرأة كرامتها وعزتها والعودة بها إلى مكانتها الطبيعية، حتى تتحمل مسؤوليتها في بناء الإنسان والأوطان، جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل، فهي نصف المجتمع، والمجتمع لا يتقدم ونصفه مشلول، لهذا جلالته وبعقله الثاقب تنبه إلى هذا الخلل الذي حصل في مسيرة تاريخ المسلمين، وإجحافهم في حق عنصر مهم ولبنة أساسية في بناء المجتمعات البشرية، وعليه فقد قام بتقديم جلالته أول إمرأة تصعد كرسي الدروس الحسنية.

الدروس الحسنية هي مكرمة ربانية وسنة حميدة تفردت بها بلاد المغرب الأقصى من دون سائر بلدان المسلمين، وهي إحدى تجليات الهوية الدينية للدولة المغربية، يكفيها فضلا أن تحفها الفيوضات الرحمانية لشهر الصيام، وأن تشملها الفضائل الربانية لمجالس الذكر، وتكسوها خيرية التفقه في الدين؛

إنها ميزة أخرى من مُميزات الخصوصية الدينية بالمغرب الأقصى، جعلت هذه السنة الحميدة، ظاهرة فريدة ووحيدة في ربوع العالم الإسلامي.

المصدر: موقع رابطة علماء المغرب

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

بلاغ من اللجنة المنظمة لمهرجان طنجة الدولي للشعر

    طنجة اليوم توصلنا بهذا البلاغ ،ننشره كما ورد علينا من ...