حكاية- بول بولز- عاشق مدينة طنجة

Résultat de recherche d'images pour "‫بول بولز طنجة‬‎"
محمد الحجيري

تزخر المكتبة العربية بترجمات لبعض أعمال الأميركي بول بولز(1910 1999) الروائية والقصصية، فهناك مجموعته القصصية “البستان” التي ترجمها ابراهيم الخطيب عن دار توبقال، ورواية “السماء الواقية” عن دار ورد السورية بترجمة عدنان حسن، و”العقرب وقصص أخرى” ترجمة محمد هاشم عبد السلام عن المجلس الوطني للثقافة في الكويت، هذا إلى جانب بعض الأعمال مثل “توقف قصير في كورازون” و”حقول صقيعية” و”صديق العالم” ترجمة عبد العزيز جدير، و”يوميات” نشرت أخيراً في موقع “جهة الشعر” ترجمة عبد المنعم الشنتوف، أما الكتب العربية التي تناولت شخصية بولز وأدبه فهي “بول بولز وعزلة طنجة” لمحمد شكري عن “منشورات الجمل”، و”بول بولز ومحمد شكري- الحوار الأخير” لعبد العزيز جدير (صدر قبل أسابيع عن دار “جداول” بيروت)، وبول بولز في المغرب: أقنعة الكتابة” عن منشورات الموجة الرباط و”بول بولز التخييل والمثاقفة” ضمن منشورات اتحاد كُتاب المغرب والكتابات للمغربي ابراهيم الخطيب، “حلقة رواة طنجة: بول بولز، العربي العياشي، محمد المرابط، محمد شكري: دراسة ونماذج” للباحث المغربي حسن بحراوي عن منشورات “عكاظ”. من خلال هذه الكتب يمكن قراءة سيرة بولز هذا الكاتب المتعدد الملكات: إذ كان ملحناً وكاتباً ومترجماً. درس التلحين مع آرون كوبلاند وتأثر بموسيقى موريس رافيل، فألّف موسيقى أكثر من ثلاثين فيلماً ومسرحية قُدمت على مسارح برودواي. سجل الموسيقى الشعبية بمناطق مختلفة من المغرب وولع بالموسيقى المكسيكية.

Résultat de recherche d'images pour "‫بول بولز طنجة‬‎"

بولز هذا الكاتب الأميركي الذي أقام في طنجة منذ نهاية الأربعينات من القرن الماضي مع زوجته جين آور، في منزل بالمدينة القديمة بمنطقة القصبة، غير بعيد عن قبر ابن بطوطة، وبدلاً من المكوث في هذه المدينة صيفاً واحداً، سكن فيها وتناغم مع طبيعتها طوال أربعة عقود ونيف، فعايش التغييرات التي حلت على طبيعة المدينة وناسها، مثل ظهور جهازي الراديو والتلفاز، ثم مختلف التقنيات المعاصرة التي اجتاحت العالم. أختار بولز طنجة لتكون مستقره، واعترف غير مرة أنها كانت مصدر إلهامه، كما كان مجتمعها يوفر له مادة غنية لتأليف أعمال حول الثقافة المغربية، بخاصة وأنه، كما صرح بذلك، كان يكتب للأوروبيين والأميركيين وليس للمغاربة.

Résultat de recherche d'images pour "‫بول بولز طنجة‬‎"

في كل الأحوال يقترن اسم بول بولز بطنجة التي عاش فيها طويلاً، وفي إزاء هذا سيكون على الكاتب تنيسي وليامز وهو من رواد طنجة أن يقول: “ان بول بولز أهم من الأماكن التي يكون فيها”. هذا الأديب افتتن بالرحلات منذ نعومة أظفاره، وقد حفزته على هذا الطقس تربية والديه القاسية، ولكن رحلاته شكلت المادة الأولية لمعظم كتبه الافتتانية والغرائبية، اذ لا تخلو قصة أو رواية مـــــــــــــــــــــن رحلة بعيدة.

Résultat de recherche d'images pour "‫بول بولز طنجة‬‎"

عاش بولز متمنياً لو أن الأشياء ظلت ثابتة كما اسعدته في زمن ما، وان التغيرات الجغرافية، والتورايخ والثقافات العديدة قد افسدت عليه متعة العيش أينما ارتحل، ربما فضل البقاء في طنجة لأن فضاءها يكاد يخلو من مفهوم الزمن، والحركة، بالمقارنة مع الغرب. جاء بولز ليدرس المجتمع المغربي. وهو ربما رأى أن المجتمعات العربية استهلكها كثيراً الكتّاب الفرنسيون والأميركيون لكنه اعتبر أن المغرب لا يزال بكراً وفي حاجة الى اكتشاف وكأنه جاء الى المغرب بمثابة انثروبولوجي.

Résultat de recherche d'images pour "‫بول بولز طنجة‬‎"


بدا سحر بولز بالنسبة إلى الكثير من القراء في روايته “السماء الواقية” وهي تقدم المغرب العربي بأجوائه ومعالمه بكثير من الحب والاعجاب، لكن الانسان الغربي بشخصيته وقيمه بقي محور الحدث، وبذلك جمع بولز بين الشخصية الغربية والمحيط الشرقي مغيباً العناصر الحية الأخرى. جرت أحداث روايته “السماء الواقية” في الصحراء المغربية الكبرى وتحولت إلى فيلم عام 1990 من إخراج الإيطالي برناردو برتولوتشي عنوانه “شاي في صحراء”.

وفي هذه الرواية، كما هو الحال في أغلب إبداعاته، يلحق بأبطاله الغربيين التشوه إثر اتصالهم بثقافات تقليدية تخامرهم الحيرة تجاهها. يسرد بولز في تلك المواقف أحداثاً عنيفة وانهيارات نفسية شديدة الوطأة من خلال أسلوب يحاول معه سبر طبيعة العلاقة الملغزة بين الشرق والغرب والاختلافات الثقافية بينهما. 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

بلاغ من اللجنة المنظمة لمهرجان طنجة الدولي للشعر

    طنجة اليوم توصلنا بهذا البلاغ ،ننشره كما ورد علينا من ...