فضيحة تقرير الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان حول أحداث الحسيمة
مراسلة
رفض مصدر أمني ما اعتبرها ” المزاعم والادعاءات” الكثيرة التي تضمنها تقرير الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان حول أحداث الريف، مُشددا على أن هذا التقرير يبقى مجرد وثيقة تعوزها، في كثير من البنود والفقرات، الموضوعية والمصداقية، ويغلب عليها الطابع الانطباعي والسردي، ولا تتوافر فيها المعطيات النوعية والكمية والإحصائية المفروضة في التقارير الدورية والتقصيّات الميدانية في مجال حقوق الإنسان.
التقرير/ الوثيقة، استعرض شهادات وروايات مطبوعة بالتجاوز مؤداها “نزع ملابس المعتقلين داخل سيارات الشرطة”، و”تجريدهم من نقودهم وهواتفهم المحمولة”، و”القيام بحملة اعتقالات عشوائية مصحوبة بالتعذيب…”، لكن الائتلاف لم يقدم قائمة بأسماء الأشخاص المعنيين بعمليات نزع الملابس، مدعومة بإفادات مكتوبة للشهود، أو بصور أو تسجيلات تعزز هذه الاتهامات… مكتفيا بالحديث في سياق عام، وبعبارات مطلقة وفضفاضة، عن تجاوزات وإخلالات مفترضة، وهو ما يجعل التقرير في مجمله مجرد استيهامات واستنباطات وترديد لأخبار تحتمل الصحة كما تحتمل أيضا الكذب.
وعلاوة على انعدام المؤشرات الرقمية والقرائن المادية، سجّل المصدر الأمني أيضا على تقرير الائتلاف السقوط في انزلاقات مفاهيمية خطيرة بسبب الموقف المسبق وغير الحيادي لبعض مكونات الائتلاف، مستعرضا جملة مما اعتبرها” تجاوزات غير مقبولة” عندما يتعلق الأمر بالفاعلين في حقل حقوق الإنسان.
أولا: زعم “التقرير” بأن القوات العمومية باشرت اعتقالات عشوائية وخارج إطار القانون، محتجا بأن التوقيفات تمت في الصباح الباكر وخارج الساعات القانونية، وهذا كلام فيه خلط واضح وعدم تمييز بين إجراءات الضبط والتوقيف من جهة، وإجراءات تفتيش المنازل من جهة ثانية.
توقيف الأشخاص المشتبه فيهم، من الناحية القانونية، غير مقيّد بالمعيار الوقتي أو الزمني، خلافا لإجراءات تفتيش المنازل التي أوجد لها المشرع المغربي، كقاعدة عامة، حيزا زمنيا محددا مع وجود عدة استثناءات يمكن فيها التفتيش خارج الساعات القانونية، كما أن الحديث عن الإذن القضائي في إجراءات التفتيش فيه جهل بالمقتضيات القانونية المنظمة لتفتيش المنازل سواء في حالة التلبس أو البحث التمهيدي.
ففي الحالة الأولى، يُلزم المشرع ضباط الشرطة القضائية فقط بإشعار النيابة العامة، مع وجوب حضور الشخص المعني بالتفتيش، وإن تعذر ذلك حضور شخصين من غير الخاضعين لسلطة الضابط المكلف بالبحث، أما في حالة البحث التمهيدي، فإن المشرع يشترط فقط الموافقة المكتوبة لصاحب المحل الذي يجري فيه التفتيش، ولم يتحدث المشرع عن الإذن القضائي إلا في الفقرة الأخيرة من المادة 79 عندما يتعلق الأمر بجريمة إرهابية ويتعذر فيها تحصيل إذن صاحب المحل، وهذه الحالة، لا تنطبق على الموقوفين في أحداث مدينة الحسيمة وضواحيها، وهو ما يجعل الحديث عن الإذن القضائي مــــــــــــــــــــتتن قبل الائتلاف مجرد لغو نابع من عدم إلمام بالقانون.
الحديث أيضا عن اعتقالات عشوائية، يستطرد المصدر الأمني، هو كلام عام وفاقد للدقة والموضوعية، بدليل أن جميع الأشخاص الموقوفين تم التصريح بضبطهم فورا بموجب بلاغات رسمية للنيابة العامة، وتم إشعار عائلاتهم، كما أن معظمهم استفادوا من حصص المخابرة مع محاميهم، ومن الاتصال الهاتفي مع ذويهم… وهذه كلّها وقائع موثقة بمحاضر قانونية وإجراءات قضائية.
ويتساءل المسؤول الأمني، بنبرة استغراب، لماذا لم يتضمن التقرير إشارة إلى عدد المحامين الذين زاروا الموقوفين خلال فترة الحراسة النظرية؟ ولماذا أغفل عن استعراض ظروف وكيفيات إجراء هذه المخابرة؟ ولماذا تغاضى متعمدا عن الخبرة الطبية المنجزة على حالات التعذيب المزعوم.