تكشف التقارير التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات، عن وجود اختلالات في تدبير المال العام ، وعلى الرغم من الأهمية التي تكتسيها، فإن هناك قصورا في النصوص القانونية المتعلقة بإحالة هذه الملفات على القضاء، وتحريك المتابعة القضائية في حق المتورطين، وكذا محدودية الرقابة التي يمارسها قضاة هذه المحاكم لعدم توفرها على قوة الردع، ما يكرس نهب المال العام وسوء تدبير الأموال.
في هذا السياق، أعاد وقوف سعد الدين العثماني، خلال اجتماع المجلس الحكومي، عند تقارير المجلس الأعلى للحسابات، من خلال حث أعضاء الحكومة على التفاعل معها واعطاء أهمية للتوصيات الصادرة عنها، طرح المزيد من التساؤلات حول مصير التقارير التي صدرت والتي كشفت عن الفساد المالي الذي تعرفه مختلف المؤسسات بالمغرب، وخاصة منها تلك المحالة على وزارة العدل والحريات.
ويفترض أن تلعب المؤسسة التشريعية، دورها المطلوب في تفعيل الآليات الرقابية الموكولة للبرلمان لترسيخ الحكامة ومكافحة الفساد، من خلال إعادة النظر في القانون المنظم للمجلس الأعلى للحسابات و المجالس الجهوية للحسابات، وذلك من أجل تدارك الثغرات التي تشوبه، مؤكدين أن الممارسة أبانت عن عدة إكراهات ونواقص تعترض مختلف مكوناته وتحد من نجاعته وفعاليته، بوصفه ركيزة أساسية لسياسة محاربة الفساد، لذلك فالبرلمان مطالب بتعزيز دوره التشريعي و الرقابي من أجل ضمان الانخراط الفعلي في مكافحة الفساد وإرساء أسس المساءلة والشفافية في تدبير المال العام من خلال الرقابة المالية.
ويزكي عدم التفاعل الحكومي والمؤسسة التشريعية مع تقارير وتوصيات المجلس الأعلى للحسابات، غياب الإرادة والشجاعة لمحاربة الفساد وانتصاره على شعارات الحكومة وبرامجها، وبالتالي الاستمرار في تحمل التكلفة الثقيلة الاجتماعية والاقتصادية للفساد والرشوة.