تعيش مدينة طنجة كغيرها من مدن المملكة خلال عطلة الصيف على إيقاع أعراس بالجملة ، تنفث ضجيجها المدوي عبر مكبرات الأصوات عبر العديد من الأحياء ليل نهار مغطية بذلك على ضجيج السيارات والطائرات و المعامل الصغرى وضجيج الباعة المتجولين وحتى المستقرين ومختلف أشكال ضجيج الساكنة المعتاد.
تلوث يعوق كل إمكانية للراحة أو حتى للعمل بشكل مركز ، لأنه يقتلع الإنسان من مختلف مهماته اليوميه اقتلاعا كي يسمع تحت الإكراه “غناء” لا يختلف كثيرا عن الزعيق في أغلب الأحيان، ليتم طرح سيل من الأسئلة ، ما هي مشروعية هذا التصريف الصوتي المزعج جدا جدا في فضاء عمومي تتملكه ساكنة قد تتنوع مشاربها واهتماماتها ومشاكلها واحتياجاتها ولا تقتسم بالضرورة هواجس أصحاب العرس الذين يصدرون فرحهم المفترض لآلاف السكان فيتحول لإزعاج يؤثر على هدوئهم وأعصابهم وبالتالي على نشاطاتهم ومردوديتهم بل حتى على علاقاتهم في بعض الأحيان ؟ ، ماذنب عشرات المرضى الموجودين بهكذا حي والذين يحتاجون لنوع من الهدوء كي يرتاحوا فيزيد الضجيج من معاناتهم ؟؟؟، ما ذنب المئات بل الآلاف من العمال والموظفين والتجار الذين قضوا يومهم في عمل مرهق وتنقلات مكوكية من وإلى عملهم ،ويحتاجون بالتالي فسحة من الهدوء لاسترجاع طاقتهم المهدورة ؟.
ما ذنب مئات الرضع الذين يربك نومهم بهكذا ضجيج ، فيذكي بكاءهم وتنزعج أمهاتم ويزداد تعبها نتيجة لهذا الإزعاج ؟؟؟، ما ذنب من يمارس مهمة أو نشاطا يتطلب نوعا من التركيز كالقراءة أو المحاسبة أو أي عمل فكري فيقتلع من مهماته بهكذا ضجيج ؟؟؟، ما ذنب الحزانى ،الذين فقدوا عزيزا عليهم فيستفزهم هذا الاستعراض الفج لفرح لا يعنيهم فيزيد من تعميق حزنهم ؟؟؟
ما ذنب مرضى المستشفيات ؟ والعجزة ؟ والأطفال وحتى غير المتناغمين مع هذه الأشكال من الغناء ؟؟؟؟ ، ما ذنب ساكنة الحي بأكمله أمام هكذا استبداد حيث تزداد معاناتها بازدياد عدد الأعراس في محيطها الجغرافي ؟؟ فتهرب من الثعبان في هذه الجهة من بيتها كي تجد الأفعى في الجهة الأخرى ؟؟؟؟.
المصيبة الكبرى هو استمرار الضجيج نهارا وليلا ،فأغلب الأعراس في هذا البلد تبدأ مع 2 زوالا وتستمر للصبح أي حوالي 16 ساعة و أكثر أحيانا إذاكان مسكن العريس قريبا ، وقد تتناوب فرقتان أو أكثر على هذا الأداء المزعج وقد يحرص صاحب العرس على إرضاء أصحاب “المرح ” بأغاني شعبية و عصرية و الإسلاميين بالأناشيد الدينية وكلاهما عبر مكبرات الصوت القوية ، وقد تتعدد الفرق حسب إمكانيات صاحب العرس من أمازيغية لعربية حسب ثقافة أهل الزفاف ، وقد تتنوع الأعراس ومعها مكبرات الصوت والبنايات المؤقتة للحفلات فوق الأسطح أوفي الأزقة بحيث تقطع بعض الطرق فيبحث المارة عن طرق أخرى للوصول إلى مساكنهم أو إلى أهدافهم مما يحرم ساكنة الحي التي قد تصل للآلاف بل مدينة أو حتى مدنا بأكملها من شروط الراحة أو شروط ممارسة مهماتها في شروطها المعتادةّ.