عبد العزيز الإدريسي
يخلد الشعب المغربي يومه الأحد ، الذكرى18 لاعتلاء الملك محمد السادس عرش أسلافه، وهي مناسبة طافحة بالرموز والدلالات تتجسد فيها أواصر الولاء الدائم والبيعة الوثقى والتلاحم العميق بين الشعب والعرش ، وتعيد ذكرى عيد العرش الملاحم البطولية التي خاضها الشعب والعرش، جنباً إلى جنب، منذ السنوات الأولى للكفاح الوطني من أجل الانعتاق من الاستعمار، وهو كفاح جسده شعار «الشعب بالعرش والعرش بالشعب»، الذي يعبر عن الحب والوفاء، الذي كان قائماً بين السلطان سيدي محمد بن يوسف ورجال الحركة الوطنية وزعمائها ما بين سنتي 1930 و1955. لكن سرعان ما أضحى هذا العيد عيداً رسمياً سنة 1934 بمقتضى قرار وزاري صادر عن محمد المقري الصدر الأعظم (الوزير الأول في الحكومة المخزنية) ومؤشر عليه من طرف المقيم العام الفرنسي هنري بونسو، وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 2 نوفمبر 1934. وتنطوي ذكرى هذا العيد على دلالات رمزية كبرى تتجسد في تجديد البيعة بين العرش والشعب، وفي الاستمرارية التاريخية.
ونحيي هذه الذكرى في هذه السنة في ظروف يبلي فيها الملك محمد السادس حفظه الله وإلى جانبه شعبه الوفي من جديد بلاءه الجميل استكمالا للوحدة الترابية، والعودة المظفرة إلى بيته الطبيعي الاتحاد الإفريقي من أجل بناء مستقبل القارة السمراء بناءا مكينا وثابتا يجسد الوحدة والتعاون والتكافل والتآزر، ببعد نظر يؤسس لمشاريع الإنماء القابلة للإنجاز في إطار إستراتيجية شاملة تخدم كرامة الإنسان الإفريقي و تجعله يتباهى ببلده وقادته أمام شعوب العالم المتقدمة، اقتداء بحكمة وبعد نظر جلالة الملك محمد السادس، وهو القائد الذي لا يفرط ولا يتهاون ولا يحيد عن جادة الصواب، ولا يجور عن المقاصد النبيلة السامية.
و إذا كانت ذكرى عيد العرش المجيد تستوقف الشعب المغربي الوفي والشعوب المحبة للسلم والوحدة برهة من الزمن كلما حلت هذه الذكرى النفيسة والغالية، فإن النفس تتجه طافحة بمشاعر الإكبار والإجلال إلى رائد هذا الوطن والساهر على أمنه وأمانه ووحدته الترابية وحامي الملة والدين مناصرة مجددة للعهد والوفاء لأمانة البيعة.
لقد شاءت عناية الله وحكمته البالغة أن يولي مسؤوليات هذا الوطن إلى قائد محنك كريم سخي، يحب الضعيف ويقف إلى جانبه، يكرم الفقير والمحتاج ناصحا للقوي وللخير قدوة، إنه جلالة الملك محمد السادس.
ولا مجال للشك في أن العالم كله يتابع خطوات التقدم، والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في ظل الديمقراطية الحقة وهي التي قطع فيها المغرب أشواطا بحكمة ودهاء محمد السادس نصره الله، وعلى يديه الكريمتين تنتج يانع الثمرات وفائض البركات، إنها حقا منة كبرى حبا بها الله هذا البلد الأمين.
من مكارمه أعز الله أمره، ساهم بكل سخاء في التخفيف من معاناة الشعوب العربية والإسلامية والإفريقية، يناصر الحق عن الباطل، يفضل السلم عن الحرب، والحوار عن التشنج، محمد السادس نصره الله هو ملك إذا وعد أنجز وعده، وإذا دشن مشروع تنموي تابع أشغاله عن كتب، أما وإذا انحرف المكلف وخان الأمانة وزاغ عن السبيل نال جزاءه بالحق والقانون والقضاء العادل.
والجدير بالإشارة هنا، التذكير ببعض إنجازات محمد السادس خلال 18 سنة وهي برهة قصيرة، حيث نجده نصره الله أعطى الأولوية الى التنمية البشرية بإعداد المواطن الصالح، ثم الإنشاء و التعمير المتمثلة في المساكن النموذجية ونقل الإشعاع الحضاري إليها، توفير الأمان والأمن الغذائي، أضف إلى ذلك الطرق السيارة والجسور والموانئ ودور الاستقبال، الاهتمام بالبيئة، العناية بالشباب والرياضة والمراكز التوجيهية، وحقوق الإنسان، حتى انشأ لها وزارة ومجالس تعنى بحقوق الإنسان، ولقد شهد العالم بنجاعة هذه المبادرة، وهذه المنجزات تنعكس حتما على تطوير وتنظيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المملكة السعيدة.
وها هو المغرب يجدد هذه الذكرى المجيدة سنة بعد أخرى في ظل سليل الدوحة الشريفة وسبط الرسول الكريم، وارث عرش أجداده الكرام، محمد السادس، القائد المحنك الذي لا يفرط ولا يتهاون في إحقاق الحق، وإزهاق الباطل، ولفعل الخير قدوة، وإننا بصوت واحد وبقلب واحد وبحب صادق وولاء دائم نسأل الله تعالى العلي القدير أن يوفق قائد هذه الأمة لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يديم عليه نعمة الصحة والعافية، وأن يتقبل هذه الأعمال الجليلة قبولا حسنا، وان يجازيه عنها خير الجزاء، وأن يعيد على المغرب هذا العيد وهو يعيش في بحبوحة من الأمن والاستقرار والرخاء، في ظل الرمز الخالد جلالة الملك محمد السادس أبقاه الله فخرا وملاذا لهذا البلد الأمين من طنجة إلى الكويرة، و للإنسانية جمعاء.