ذ/ عبد الرحيم الشركي
استمعت الى الكلمة المطولة لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني التي ألقاها أمام مجلس المستشارين فأيقنت أننا أمام نموذج جديد من أطر وقيادات العدالة والتنمية ، ففي الوقت الذي كان فيه تدخل الرئيس السابق للحكومة عبد الاله بنكيران في مجلس البرلمان يركز بالاساس على تفعيل المضامين الجديدة للدستور وما أتى به من مبادئ تحترم الديمقراطية وتكرس فصل السلط واستقلال المؤسسات وتركز على الحكامة الجيدة، وكانت جل خطاباته تنبه الى ضرورة احترام نتائج الانتخابات واعطاء الصلاحيات الكاملة للمجالس والحكومات المنتخبة، بل استغرقت فترة طويلة من ولايته الحكومية مقاومة محاولة التراجع الديمقراطي ، فإنه من خلال ما يظهر من التدخلات القليلة للرئيس الجديد السيد سعد العثماني وخاصة خطاب البارحة الذي القاه امام مجلس المستشارين، أن الامر يتعلق بشخص يفكر بطريقة جديدة ترمي الى اعادة التفكير في طرق التدبير الاداري واعادة النظر في آليات ووسائل عمل الحكومة والوزارات وتنفيذ اعمالها وبرامجها.
يمكن ان نقول ان الامر يتعلق برجل يستعمل لغة الاقتصاديين والمسيرين ويستهدف تغيير اليات وافكار التسييرالاداري ووسائل التدبير الاقتصادى للبرامج التنموية، ويتدخل في الجزئيات والصغائر ويبحث عن حلول المعضلات التقنية والادارية ، ويسعى الى افضل الوسائل لتنفيذ البرامج الاقتصادية والتنموية، فهو أقرب منه للتكنوقراطي منه الى الزعيم السياسي.
خلاصة الامر أن مرحلة ولاية بنكيران كانت تستدعي زعيما سياسيا يسعى الى اعادة الاعتبار للانتخابات، ومحاربة التحكم السياسي والاقتصادي، واعطاء المصداقية للعمل السياسي وذلك بافراز نخب سياسية منتخبة تمثل المواطنين ولها من الصلاحيات ما يمكنها من القيام بواجباتها، وقد اداها السيد عبد الاله بنكيران بكل احترافية. لكن مرحلة اليوم تتطلب وجها آخر من السياسيين يهدف الى وضع البرامج التنموية وتنزيلها على أرض الواقع وتنسيقها وتتبعها ووضع الآليات ووالوسائل الكفيلة بذلك، الامر الذي نتمنى ان يحققه الدكتور سعد الدين العثماني بما نعرف عنه من صفات شخصية. كلا الشخصيتان تتكاملان فبنكيران قد بدأ مرحلة التنزيل السياسي للدستور وحقق جزءا كبيرا من ذلك، فيما يبدو ان السيد العثماني يسعى الى تحقيق التوجهات التنموية و الاقتصادية لتنزيل المبادئ التي أتى بها دستور 2011.