لماذا يخاف اليسار من الإسلاميين ؟

Résultat de recherche d'images pour "‫لماذا يخاف اليسار من الاسلاميين المغرب‬‎"

سلامة كيلة  

في العقود الماضية انتشر الخوف من الإسلاميين الذين أصبحوا قوة حقيقية بعد أن أصبحت تعتبر قوة المعارضة الأساسية للنظم، لكن هذا الخوف تصاعد بعد الثورات في البلدان العربية. ويمكن القول إن حالة رهاب تتحكم في قطاعات «مدنية» من اليسار إلى العلمانيين. وتقود إلى ضبط الصراع كصراع «مدني/ ديني».
ورغم كل «نقاط الضعف» التي ظهرت بعد وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة في تونس ومصر (العدالة و التنمية بالمغرب) من خلال الانتخاب، لا زال الخوف يسيطر على هؤلاء،  على العكس تصاعد إلى حدّ القناعة بأن الإسلاميين يعملون على السيطرة الشاملة، وأنهم سوف يسيطرون لسنوات طويلة، لهذا يشار إلى أن «الربيع العربي» انقلب إلى «خريف إسلامي»، الأمر الذي فرض الميل لتقليل الاهتمام بالحراك الشعبي، وحتى التشكيك فيه. وأيضاً الميل إلى اعتبار أن الصراع «الأساسي» بات مع الإخوان المسلمين، وأن «الحلقة المركزية» (هذا المصطلح الذي عممته الماركسية السوفياتية) تتمثل في مواجهتهم والتأكيد على أن الصراع الآن هو صراع بين دعاة الدولة المدنية ودعاة الدولة الدينية. وأن كــــــــــــــــــل التحالفات يجب أن تنبني على أساس هذا الاصطفاف.

Résultat de recherche d'images pour "‫إلياس العماري و بنكيران المغرب‬‎"

ربما يظهر واضحاً أن المنظور «الثقافي السياسي» هو الذي يتحكم في تحديد طبيعة الصراع، وانطلاقاً منه ينشأ الخوف (وحتى الرعب) من سيطرة الإسلاميين وسلطتهم. هذا المنظور يلمس واقع القوى ومنطقها ومطامحها ويؤسس رده على أساس ذلك دون تلمس إمكانية ذلك في الواقع. فلا شك في أن الإخوان المسلمين يعدون لسيطرة طويلة على السلطة، ويتوهمون بأن «الوعد الإلهي» قد تحقق بـ «توريثهم الأرض وما عليها»، وأن عليهم إعداد «القوة ورباط الخيل» لكي لا تفلت منهم. وأن منطقهم يدفع لتأسيس «دولة دينية» وسلطة كهنوتية شمولية. وبالتالي إنهم يخططون لفرض سيطرتهم على أجهزة الدولة وتمكين أعضاءهم منها. وأيضاً أنهم باتوا يُظهرون جوهر موقفهم «الفاشي» وإرادتهم في السيطرة وفرض قيمهم على المجتمع. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: هل بإمكانهم تحقيق ذلك؟
هذا سؤال ليس في وارد النخب والأحزاب لأنهما تنطلق من أن الإرادة الذاتية هي التي تنتصر بمعزل عما هو موضوعي، وأصلاً هي لا تتلمس ما هو موضوعي وتنطلق من إرادتها الذاتية. لهذا تصبح إرادة الإخوان في السيطرة هي الأساس، ولأنها إرادة شــديدة القوة، وتظهر اعتماداً على الميل العنيف لديهم للســيطرة، يتصاعد الخوف منهم وكأن ما يعملون من أجله سوف يصبح حقيقة مطلقة. الأمر الذي ينتج كل هذا الخوف، ويدفع لتحديد سياسات خاطئة تقوم على التحالف مع كل من هو في تضاد مع الإخوان. ما يجعل هذا التحالف بعيداً عن تناول المشــكلات الواقعية والتمترس خلف صراع دولة دينية/ دولة مدنية. وبالتالي تجاهل كل مشكلات الشعب التي هي في أساس الثورات.
هذه المشكلات التي فرضت الثورات، والتي تحتاج إلى حل، هي ما يجعل مقدرة الإسلاميين على فرض سلطتهم مستحيلة، لأنهم لا يملكون حلاً لها، وبالتالي سوف يفرض استمرار الحراك وانقلاب المواقف الشعبية منهم، ومن ثم عجز السلطة كسلطة على فرض سيطرتها. الأمر الذي يقود إلى ضعفهم وتلاشي مقدرتهم على الســيطرة.

Résultat de recherche d'images pour "‫عصيد‬‎"

الإخوان وصلوا إلى الســـلطة في لحظة ثورية ليس من الممكن توقفها قبل تحقيق تغيير يتضمن حل مشكلات الشعب، وهو الأمر الذي يعني استمرار الثورة بالتحديد. ومن ثم الفشل الذريع لسلطة الإخوان وتلاشي قوتهم.
ولأن المنظور «الثقافي السياسي» هو الذي يحكم النخب والأحزاب نجدهم لا يرون هذا الواقع ولا يرون سوى قوة الإخوان وإرادتهم، لهذا نجدهم يسيرون خارج حركة الواقع، ويؤسسون معارك «في الهواء»، وهي معارك تخدم الإخوان لأنها تنطلق من الأرضية ذاتها التي يؤسسون عليها، أي أرضية الصراع «الثقافي السياسي» وليس من واقع الشعب، ومن الصراع الواقعي في المجتمع.
بالتالي فإن كل نخبة منعزلة تنتج كل هذا الخوف من كل قوة تريد الوصول إلى السلطة لأنها تريد فرض هيمنتها. لهذا جرى الخوف الشديد من «عودة العسكر» في مصر، والآن يجري الخوف الشديد من سلطة الإخوان. وهو ما يجعل النخب تطلق كل هذا الهذيان الذي يُظهر الرعب الذي ينتجه انعزالها. إنها في قوقعة «ثقافية سياسية» ضيقة.

*- كاتب سوري/فليسطني 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

بلاغ من اللجنة المنظمة لمهرجان طنجة الدولي للشعر

    طنجة اليوم توصلنا بهذا البلاغ ،ننشره كما ورد علينا من ...