تشغيل السيارات بواسطة غاز البوتان، ليست ظاهرة جديدة في الطرقات، إذ استنفدت المصالح الأمنية من أمن وطني ودرك ملكي جميع الحلول في مواجهة الظاهرة منذ الثمانينات، إلا أنها لم تستطع القضاء عليها، بل ما فتئت تستفحل، وتتأقلم مع المستجدات التقنية والتكنولوجية، ذلك أن نظام الربط بالغاز تطور، وأصبح اكتشافه معقدا للغاية عند أي مراقبة، وهو الأمر الذي أكده مصدر أمني، موضحا أن أنظمة الربط القديمة كانت تقليدية نوعا ما، إذ يتم ضبط قنينة الغاز، التي لا تكون مخبأة بشكل جيد، أو عن طريق رائحة الغاز المنبعثة من مقصورة القيادة في السيارة.
و تؤوي أنشطة النقل السري، الزبون الأول لصالونات تحويل السيارات من البنزين إلى الغاز. سيارات قديمة مهترئة، تحمل ما لا تستطيع من ركاب، وتطوي الطرقات المعبدة وغير المعبدة نهارا وليلا، معوضة الخصاص المهول في خدمات النقل الحضري. وأمام ارتفاع كلفة المحروقات، إذ يحمل أغلبها محركات تعمل بالبنزين، الذي يتجاوز سعره حاليا عشرة دراهم، لجأ الناقلون إلى البوطا بديلا، فتحولوا إلى السيارات الهجينة هايبرد، على الطريقة المغربية، من خلال تعديل المحرك ليعمل بالبنزين والغاز معا، عبر تبني صيغة تقنية ميكانيكية، أثبتت فعاليتها خارج المغرب، خصوصا في إيطاليا وفرنسا.
سعر الجهاز الذي يركب لتشغيل السيارة بالغاز يتراوح بين 450 درهما و500، ويتم استيراده بطرق غير شرعية من الخارج، خصوصا من إيطاليا وفرنسا، إذ يتم تثبيت قنينة الغاز من الحجم الكبير في مكان خاص في صندوق الأمتعة الخلفي للسيارة، تحديدا بمحاذاة خزان الوقود (réservoir)، فيما يمرر أنبوب الغاز بالموازاة مع إمدادات الوقود، أي من داخل السيارة، ليتم ربطه بمرشح الهواء فيلتر أ إير، (filtre a air) في المحرك، بما يتيح ضخ الغاز من أجل تأمين عملية الاحتراق، اللازمة لعمل المحرك وحركية السيارة، بينما شدد على أن أجهزة القياس الجديدة للغاز، تمكن من التحكم في حجم الإمدادات الموجهة إلى المحرك، وبالتالي سرعة السيارة عبر الضخ (injection)، قبل أن يحملنا على معاينة إحدى السيارات من طراز هوندا سيفيك، يعمل على تحويلها.
يستند الأعوان محررو المحاضر من الشرطة و الدرك الملكي عند ضبطهم ومراقبتهم للسيارات التي تحمل محركا يعمل بغاز البوتان، إلى منشور صادر عن وزير الطاقة والمعادن في 1985، يمنع تشغيل المركبات بالغاز، في الوقت الذي لا تتضمن مدونة السير الحالية، أي مقتضى قانوني يمنع صراحة استخدام الغاز لتشغيل سيارة سياحية، اللهم بعض النصوص الخاضعة لمنطق التكييف، والمتمثلة في المادة 97 من المرسوم 2.10.421، الصادر بتطبيق أحكام المدونة، التي تنص على تغيير خصائص مصدر الطاقة ونقل الحركة…، التي تستوجب بمقتضى المادة 51 من المدونة، إخضاع المركبة إلى مصادقة جديدة لدى المركز الوطني لإجراء الاختبارات والتصديق، أو مركز مراقبة تقني مرخص له من قبل وزير التجهيز والنقل.
وبالرجوع إلى المقتضيات المنظمة للجنح المتعلقة بالمركبة في مدونة السير، تفرض المادة 157 من هذا الإطار التشريعي، جزاء زجريا على كل مالك مركبة رفض أو أهمل إخضاع مركبته، التي أدخل عليها تغييرا للمصادقة من جديد، ما يستشف منه أن تشغيل سيارة بالغاز يوقع مالكها في جريمة معاقب عليها قانونا، استنادا إلى التكييف القانوني للواقعة، في الوقت الذي أفاد مصدر مطلع، أن عملية المراقبة تعتريها مجموعة من الاختلالات، المرتبطة بعملية المراقبة، إذ يتم ضبط السيارة المخالفة من قبل حامل لصفة الضابط القضائي ويتم حجزها ومتابعة مالكها لدى النيابة العامة، التي تعتمد السلطة التقديرية في هذا النوع من الحالات، فتغرم المالك وتأمر بإعادة السيارة إلى حالتها العادية، أي فك ارتباط محركها بالغاز، موضحا أن المصالح الأمنية تهمل ضبط حالة السيارة في الجذاذة الوصفية لحالة المركبة قبل إيداعها المحجز، وما يرتبط بذلك من قصور في المحضر المرفوع إلى النيابة العامة.