مقبرة موتى المسلمين بمدينة مرتيل نموذج يحتدى به على الصعيد الوطني
متابعة
يفتخر سكان مرتيل، كثيرا، بمقبرتهم، فهي من «خمسة نجوم» تحفظ للموتى كرامتهم، كما قال سعيد ادكوج، أحد سكان المدينة، إذ يستحيل أن يتجاهلها الزائر أثناء تجوله بالمدينة، فسورها جميل تم طلاؤه بلون أزرق، ولوحتها كتبت بخط عربي في تناسق تام بين الألوان، ناهيك عن المزهريات والفضاءات الخضراء في مدخل المقبرة. أما البوابة الرئيسية فيحرسها حارس بشوش يراقب محيطها، ولا يمانع إطلاقا في التقاط صور فوتوغرافية لها.
إنها أول مقبرة نموذجية شُيدت في مرتيل، واستفادت من الصيانة والتهيئة بمبادرة من جمعية «المحافظة على المقابر الإسلامية» بميزانية قاربت ثمانية ملايين درهم. خلاصة يخرج بها أحد زائري المقبرة، وهو يعاين مدخلها الخلفي الذي يؤدي إلى فضاء فسيح جدا جلس تحته سقفه «قراء القرآن» يتذاكرون في ما بينهم، فرغم أن السماء تمطر بقوة، إلا أن المقبرة تتوفر على فضاءات تسمح بالاحتماء من المطر.
تتراءى داخل المقبرة دقة توزيع الفضاء والمساحات المخصصة للموتى، فهناك جناح خاص بالأطفال، وآخر للمغاربة المهاجرين بالخارج، إضافة إلى فضاء لباقي الموتى، دون تمييز ودون تشييد أبنية للأثرياء، مثلما جرت العادة في باقي المقابر، فالموتى متساوون، والدفن يتم وفق اتفاق مسبق مع المسؤولين عن الجمعية.
كلما توغلت داخل المقبرة، إلا وتكتشف هندستها البديعة، وحرص المسؤولين على إكرام الميت، فهناك أرصفة للمرور بين القبور لتفادي الدوس على بعضها، وهناك شجيرات تحيط بكل مساحة، حتى يستريح الزائر أو يستظل بأوراقها، والقبور متشابهة وفق تاريخ الوفاة وعددها في كل اتجاه متساو، والإنارة تحيط بها من كل الزوايا، إضافة إلى وجود مسجد.
ويشرح ادكوج طريقة توزيع القبور، فهناك ثلاثة فضاءات، الأول مخصص للأطفال، وجناح للمهاجرين الذين يدفنون بالصناديق الخشبية، إضافة إلى جناح لباقي السكان، ويمنع إطلاقا التمييز بين القبور أو إحداث أي خلل بهندسة المقبرة، فالجمعية تتكلف بأدق التفاصيل مجانا، بدءا من نقل الميت إلى دفنه وتهيئة القبر، وهدفها ضمان المساواة بين الموتى.
يجزم المتحدث نفسه أنه عكس باقي المقابر في المدن، لا تؤدي أسرة الهالك سنتيما واحدا، فالجمعية تتكلف بحفر القبور وصيانتها، وهدفها صون كرامة الموتى وتفادي مشاهد مقززة في مقابر أخرى، كما يمنع على غير الزائرين دخولها، بالمقابل يمنع المتسولون والمشردون.
ولا يقتصر دور الجمعية على صيانة المقبرة فقط، إذ تتكلف، بدعم من المحسنين، بضمان مدخول قار لتشغيل حفاري القبور الذين يتقاضون أجورهم بصفة منتظمة، ويخضعون لنظام الحماية الاجتماعية. خالد العطاوي