متابعة : الوكالات
خلافات شديدة، وتهم متبادلة، وصلت إلى ذروتها بين الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ورئيس الجهاز القضائي آيت الله علي لاريجاني المحافظ، على خلفية انتقادات متبادلة بين الطرفين عبر وسائل الإعلام.
ويومًا بعد يوم، تتكشف الخلافات الكبيرة داخل أروقة القصر الجمهوري؛ إذ اتهم جهاز القضاء الإيراني الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد بالجنون، بعدما قام الأخير باتهام رئيس جهاز القضاء بأنه فاسد، وكان لاريجاني قد اتهم نجاد بأنه يحاول خلق الفتنة والاضطراب داخل البلاد، من خلال توجيه الاتهامات إلى القضاء، الأمر الذي اعتبره نوعًا من التحريض ضد الجهاز القضائي وضد الدولة، وقد اعتبر لاريجاني أن “أي شخص يحاول تقويض النظام السياسي في إيران يعتبر شخصًا يمارس التحريض، ويدعو إلى إشعال الفتنة في البلاد”.
وخاضت المواقع الإلكترونية الإيرانية في جدالات حادة بين المؤيدين للرئيس السابق نجاد، والمؤيدين لجهاز القضاء ومناصري الحكومة، وتبادلوا الشتائم والإهانات على خلفية الأحداث الأخيرة.
وكان نجاد قد اتهم لاريجاني بالفساد، بعد أن نشر وثائق قال إنها تظهر قيام الجهاز القضائي بمصادرة أراضٍ وعقارات، بحجة المصلحة العامة، لصالح عائلة لاريجاني، ولمصلحته الشخصية فقط، كما قام الرئيس السابق نجاد ببث مقطع مصور عبر حسبه على إنستاجرام يتحدث فيه عن الوثائق التي تثبت أن علي لاريجاني يستخدم سلطاته من أجل مصالحه الشخصية، وينتهك أسس العدالة، بشكل يجعل من شرعيته منقوصة، وتتطلب الاستقالة من منصبه، لكن بدون الكشف عن طبيعة تلك الوثائق، أو عرضها لوسائل الإعلام.
ومن الجدير ذكره أيضًا ان ابنة لارينجاني كانت قد اتهمت بأنها تعمل لجهات خارجية، وتقوم بعمليات تجسس لصالح أطراف أخرى، وهو أمر جرى انكاره من قبل الحكومة بشكل متكرر، ولكن الأحداث الأخيرة مع نجاد أعادت فتح القضية من جديد، لتصبح جزءًا من النقاشات الحادة بين المحافظين والمتشددين.
وبحسب موقع المونيتر فإن لاريجاني قال إن أحمدي نجاد طلب من سكرتير مجلس الأمن القومي الأعلى علي شامخاني في اجتماع لـ”مجمع تشخيص مصلحة النظام” -وهو أعلى هيئة استشارية في النظام السياسي الإيراني، وهو الذي يقدم النصح للولي الفقيه- بعض المعلومات التي تتعلق بتهم التجسس التي تلاحق ابنة لارينجاني، وأن شامخاني رد على ذلك بالقول إن كل هذه القضية مجرد أكاذيب، ولا صحة لهذه الأخبار. ووفقًا للاريجاني فإن أحمدي نجاد رد على ذلك قائلًا إن لديه بعض المعلومات التي تثبت أنها معتقلة في مكان ما، وبأنه يعرف مكان احتجازها، وتعقيبًا على ذلك، قال لاريجاني، قاصدًا نجاد، إنه “لا يوجد إنسان يمكن أن يكذب بهذه الطريقة، وأن سلوكه يبتعد عن التقوى والحق!” وفق تعبيره.
كما اتهم لاريجاني أحمدي نجاد والوفد المرافق له بدعم الملياردير المعتقل باباك زانجاني المتهم بمحاولات تجاوز العقوبات المفروضة على إيران دوليًا، و سابقا هدد نجاد، ردًا على ذلك، بفضح عدد من القضايا المتعلقة بأداء رئيس الجهاز القضائي.
وقد تطور الخلاف لاحقًا، في إطار التهديدات المتبادلة، ليتحول إلى خلاف بين المحافظين من جهة، والمتشددين من جهة، وصلت حد اتهام أحمدي نجاد وفريقه بالتجسس لصالح الدول الغربية، على عكس ما كان يظهره نجاد من تعنّت، خصوصًا في الخطابات النارية ضد العالم الغربي.، كما وصلت حدة الاتهامات إلى التهديد بنشر الوثائق التي تدين لاريجاني، بعد مطالبته بالاستقالة، إضافة إلى مهاجمة النظام الحاكم الحالي في إيران.
ومع أن التيار السياسي المحافظ في إيران يمتلك آراءً أقل حدة وتصلبًا تجاه القوى الغربية والانفتاح على العالم، إلا أن التيارين –المحافظ والمتشدد- يشتركان في ولائهما المطلق لما يسمى “المرشد الأعلى للثورة”، والذي يجري توظيفه من أجل الحصول على مكاسب سياسية من الطرفين، باعتباره مثلًا أعلى منزهًا عن النقائص، كما يرى الإيرانيون!
ومع ذلك، قد تشهد الأيام المقبلة تزايدًا للخلافات بين الطرفين على إثر الاتهامات المتبادلة والمتكررة بالفساد، وسوء استخدام السلطة، وخصوصًا مع تلفيق اتهامات لأحد معاوني نجاد السابقين حول ما سماه القضاء “سوء استخدام المال العام الذي يصل إلى مليارات الدولارات”، في قضية قد تلحق بالخلافات مزيدًا من التأزم، وقد توصلها إلى إمكانية إسقاط أشخاص من ذوي المراتب العليا في الدولة!
يذكر أن الملك قورش الكبير الذي يتحدث عنه نجاد في تغريدته السابقة، هو ملك فارسي عاش قبل أكثر من ألفي عام، وساعد اليهود الذي طردهم نبوخذ نصر من منطقة بلاد الشام باتجاه بلاد فارس، والملك -أي قورش الكبير- يحظى باحترام كبير من قبل الصهاينة والإسرائيليين اليوم، باعتباره قام بمساعدة اليهود في محنتهم.