غمارة بلد الكرم و الحضارة والأصل الطيب

كتب : يوسف بلحسن 

قم ….بالعشور واحسب بالعشرين …..وهاك الدوس (اثنين)ربحنا ههههه”
نظر السي عبد السلام بغضب إلى زميله رشيد -المقابل له- في اللعبة (لعبة البارتشي الشهيرة) وقال له :” أنا “قتلت ” لهم كثيرا (من الفيتشاش) !!!وانت لم تفعل !!! )..وأضاف بنبرة ساخطة :” الآن سيقولون ” ناس الرمل” يقصد ” رمال مرتيل” غلبونا ..”ههههه
كنت وصديقي (بمثابة أخي ) محمد(أخ السي عبد السلام الثنائي المرتيلي الذي حالفه الحظ في الفوز بطرح (الطايفي) …أشواطا ثلاثة قضيناها متعة وأغنانا في ساعات متأخرة من تلك الليلة وسط منزل عائلة المرحوم الطيب البازي(خلال زيارتنا للأم المضحية امفضلة حفظها الله) بعمق جبال غمارة المباركة.
زيارتي لهذا الجزء من بلدي الغالي جاء صدفة ويالها من صدفة جميلة ،لم أتردد في خوضها بشغف وحب … وحسنا فعلت ،فعندما تنساب بك السيارة الرباعية الدفع وسط شعاب وطرق غير مرصفة تتمايل مع تضاريس الجبل وتنساق محادية للوادي -رغم خطورتها – تنسى شغب المدينة وضغطها وتملأ عيناك بما حبا به الإله هذه الساكنة من جمال أخاد لطبيعة رائعة بالفعل .،جملها الإله ببصمة البشر الطيب، الذي عمرها وحرثها وجعلها مقرا له رغم بعدها وصعوبتها .

حدثني “مدير الديوان” مرارا عن تاريخ العائلة وعن أب كان بسيطا في حياته ولكنه،كان كريما في عيشته،،، والليلة تفرع السي عبد السلام اخ “المدير “في استرجاع الذاكرة ومعه السي مصطفى الاخ الاخر ،ذاكرة شفهية أطربتني انا المولع بالتاريخ وبالرجال… تحدثنا طويلا عن مرحلة كان فيها عمل الانسان في الفلاحة ببركان (حيث كان يهاجر شباب المنطقة اليها) يكلف من الجهد ما لا يصدق مقابل 7دراهم يوميا لا أكثر وكان الصبر عنوانا لكينونة الانسان ،صبر صقل معدنه الغالي فأنبت منه كائنا ساميا عاش وسط أعاصير الحياة فخبرها وطوعها لابنائه …وتحدثنا عن الحاضر،كان السي عبد السلام يسألني حول ووضع الساسة والاحزاب والاقتصاد وتعويم الدرهم ووو …وحتى لا أظهر سخطي وسوداويتي تجاه مستقبل بلدي الغالي علي ،وتجاه كل تلك المصائب التي نغلفها نحن القراء (وصدق الصادق الرسول عندما قال في الحديث الشريف :أكثر منافقي أمتي قراؤها)؛كنت أجيب بالتواء ومراوغة حتى نعجل بالرجوع الى حديثنا حول الجبل والوادي والناس الطيبين .وحتى ننطلق في طرح” للبارتشي” بعد وجبة عشاء دسمة أكرمنا بها السي مصطفى وعائلته الطيبة لهم ولعائلة “الطيب”رحمه الله كل الدعوات القلبية .

لم نحس في تلك الليلة بلدغات البرد،ربما أن طبيعة الجبل غطت على مسالك هواء الثلج البارد أو ربما لأن كرم الناس ومحبتهم وقفت حاجزا نفسيا أمام ذاك .
الاكيد أنني ساعود ان شاء الله للطبيعة ولكن أولا للناس: لسيدي عبد السلام ولمصطفى وامفضل وعبد الله وللشريفة امفضلة وباقي العائلة سأعود مع أخي “مدير الديوان” لاستمع لقصص الرجال …. وكما تقول لي الشريفة امفضلة كل مرة تراني فيه (الليل طويل والحمارة مشايا …) فلا أجد بدا من البحث عن ذاك ” الممشى” كلما سنحت لي الفرصة …وما تحس بلحظات النشوة الا مع من تحب .
فلا تستعجل يا السي عبد السلام قريبا نفتح لك المجال للانتقام منا في طرح “للباترشي” وسط جبال غمارة المباركة.

 

 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

إعتقال متورط جديد على خلفية ملف النفق السري سبتة المحتلة و الفنيدق

طنجة اليوم : متابعة  قالت جريدة  ”  فارو دي سبتة“،  أن  فرقة ...