قادت تحريات أجرتها لجن مشتركة إلى وجود تلاعبات في الدقيق الوطني المدعم، وضبطت مخازن مخصصة لاستبدال أكياس الدقيق المدعم بأكياس عادية، وإعادة بيعه بثمن مرتفع في الأسواق والمدن الكبرى ، وهو ما جعل الدرك الملكي يعتقل شخصين لهما صلة بعملية التلاعب، ودلت التحريات إلى وجود مخازن “سرية” في مختلف المدن المغربية ومنها طنجة تتلاعب بالدقيق المدعم، فالدقيق لم يسلم منذ إعلان الدعم في الثمانينات من التلاعب فيه، رغم إجراءات الحكومات المتعاقبة لضبط توزيعه، واعتماد نظام “تحديد المواقع” لمراقبة خط سير الشاحنات، إضافة إلى الاستعانة بنظام معلوماتي في الجماعات المحلية المستفيدة.
مسارات التلاعب في الدقيق المدعم الموجه إلى المناطق النائية والفقيرة يتخذ أبعادا متنوعة ، وذلك بتحويله لحظة وصوله إلى التجار بالجماعات المستفيدة إلى مخازن في ملكية لوبيات متخصصة، ثم تعاد تعبئته في الأكياس الجديدة، ويوجه إلى المدن الكبرى، خاصة إلى “كاراجات” بيع الخبز التي يعمد بعضها إلى خلطه بمواد أخرى، مثل “النخالة” و”الخرقوم” و”البلبولة”، مضيفة إلى أن ثمن الكيلوغرام الواحد يرتفع من 1.82 درهم إلى درهمين ونصف، و
أحيانا ثلاثة دراهم، حسب العرض والطلب.
كميات القمح اللين المخصصة لإنتاج الدقيق الوطني، التي تصل إلى 8.5 ملايين قنطار، وينتظر أن يتراجع خلال هذه السنة إلى 6 أطنان ونصف، لا تحول كلها إلى الدقيق المدعم، بل يتم التلاعب بها وإعادة بيعها بالسوق، سواء على أصلها أو بعدما يتم تحويلها إلى مواد أخرى وبيعها بأسعار تفوق تلك المحددة للمنتوج المدعم، خاصة مع صعوبة تحديدها، المخازن نفسها تنشط في مناطق معينة، خاصة بالمناطق التي لا يتوصل خلالها المستفيدون بالكميات المحددة لهم، و السلطات المحلية تلجأ، في حالات كثيرة، إلى إخبار الأجهزة المركزية المكلفة بتتبع تزويد الأســواق بالمواد الغــذائية، للتحقيق في أسباب اختفــاء هذه المادة من بعض نقط البيع بالمناطق القروية.