يوم بعد يوم أتأكد أكثر أن التحرر من التكنولوجية اللعينة ضرورة صحية ووجودية، لعيش حياة حرة هادئة تخالف السائد في زمن مليء بالرداءة، فالتفاهات تتنوع وتختلف ما بين البشر وبين ما يصنعه البشر، فما أكثر التفاهات التي نعيشها في هذا الزمان..
هي تفاهات في زمن الرداءة والإنحطاط، ذهنية الخوارق تنهش ربيع مستقبلنا وتجعل من الأفراد وخصوصا من الأجيال الصاعدة مجرد عبيد، عبودية طوعية جديدة تتمدد وتتسرب من المدن إلى البوادي، محرم هذا التغير هو الأنترنيت بامتياز وخصوصا ” منصات شبكات التواصل العشوائي”، هي تفاهات مغلفة تحت مسمى البوز، يحصل هذا في ظل نظام تعليمي معطوب، لا ينجب سوى الأعطاب الإجتماعية والعاهات الثقافية، يحصل في ظل اللانظام الأسري حيث يسود نمط عيش عشوائي، يحافظ على أناقة ونظافة صالونات إستقبال الضيوف أكثر مما يحافظ على سلامة تربية الناشئة، التي تتم على يد قنوات الاعلام العمومي الممول من جيوب دافعي الضرائب من خلال مسلسلات تركية وعلى يد الشخصيات الخارقة، هو مجرد إتباع للقيادات الجديدة التي تحمل اسم “نجوم الويب”، قيادات مسرطنة كالوجبات السريعة.
لقد سئمنا الإبحار في الانترنيت بسبب تفاهة ورداءة ما تلفظه بعض منصات وقنوات الإعلام التافه وغيرها ،حيث يشد إنتباهنا أشخاصا حمقى تحولوا بين عشية وضحاها إلى مشاهير، يخرجون بتفاهات تلقى تجاوبا كبيرا من طرف شرائح المجتمع بإختلافهم الشيء الذي يفرض علينا بسط السؤال التالي : هل هناك أيادي دنيئة تقف على تدهور الثقافات والقيم والتربية؟
لأن شباب اليوم هم هِمم ورجال الغد وهذه مسألة لا غبار عليها ، لكن إن إنحرف هؤلاء عن أصلهم ومجتمعهم بنسيان تاريخهم وإنجازات اجــــــــــــدادهم ، وإتباع تفاهات (البوز ) هذا الذي يظهر بين الفينة والأخرى والمراد منه لفت أنظار الناس بطرق متعددة ، عن طريق تدوينة أو مقطع فيديو قد تجده في الأخير لا يفيد بأي شكل من الأشكال في إثراء الرصيد المعرفي لدى المتلقي ، فبالرغم من كونه يحظى بملايين المشاهدات والمشاركات والإعجابات إلا أنه يبقى لحظي فقط بدون أي تأثير يذكر مثله مثل القهوة السهلة التحضير…
لأن الذين تصنعهم فقاعات الإعلام التافه ، سرعان ما ينساهم التاريخ، و الحاضر و المستقبل بمجرد إنفجارها، هنا القاعدة المتحكمة هي الكم وليس الكيف. والإبهار وليس البصم: فالإبهار قوي الضوء في البداية سريع الإنطفاء من بعد، بينما البصم بطيء التأثير ودائم في الزمن، وذلك لأن الإبهار فارغ الروح والبصم مليء المضمون، هذا النوع من “البوز” ينمو على أعمال هجينة بمعنى ملفقة لا أصالة ولا وحدة بنيوية فيها.
إذ نجد مضمون غالبية الأحداث التي تلقى إنتشارا واسعا و تخلق “البوز” إما منافيا للأخلاق أو بعيدا كل البعد عن الجدية والواقعية، الغاية منه هو البحث عن الشهرة ليس إلا… وبالتالي فلولا وجود شرائح متقبلة لهذا النمط من التفاهات لما حصل أصحابها على الملايين من المشاهدات ولا أصبح الحمقى مشاهير.