جلست مرة في مقهى شعبي بتطوان.. .طلبت كأس شاي… ومع أول رشفة تاهت روحي في موسيقى تنبعث من الراديو.. سألت النادل:” الشاي عسل ولا مثيل له، والأغنية.؟” قال لي هي لشقارة”
من هنا جاءت هذه التوليفة التي نختم بها لكم سهرتنا الليلة ) هكذا قال الفنان المبدع سعد محمود جواد …ويا لها قطعة بين كم الجمال الذي تمتعنا به في سهرة الافتتاح . ..
بالتجربة اعرف ان “السوبرانو” سميرة تحسن الاختيار في كل دورة للمهرجان .والليلة انتظرت كعادتي هذا الثلاثي (ميلوديك)القادم من مملكة البحرين .كانت ورقة التقديم تتحدث عن “رقم جينيس ” لعازف عود دخله بعدما أصر على مغازلة معشوقته ليوم ونصف .العازف” سعد محمود جواد ” له مكانة واسم والليلة سنتفحصه عن قرب ،سنسمع لحديثه مع “سلطان الالات “لنقيم مدى “عتق خمرته”…
النصوص الجميلة تسلبك من مقدماتها والبداية قطعة ” التانغو ” ،
أو كيف تخرج أنغام أمريكا اللاتينية من آلة العود .وبما أن البحرين أرسلت ثلاثا فقد صاحب العود ، فنان “الجوزة” الرائع باسم هوار .وفنان الايقاع…طرب جميل واحساس بفرح التانغو اللاتيني سرى بهدوء وسط مسرح اسبانيول ..لقد كسب البحرينيون بداية المعركة في طريق الاستحواذ على الجمهور الذواق..
ولعبا على أحاسيسنا المرهفة انتقلت المجموعة إلى “الحدباء”تلك المئذنة العراقية التي محاها الإرهاب …قطعة اخرى جميلة قدر جمال آلة “الجوزة .. تنساب النوتات محدثة الألم في روحك وكأنك تشهد سقوط المئذنة أو كأنك تحت المئذنة نفسها وهي تسقط كسقوط اوتار العود من شدة الجدب. جدب الإرهاب لجدورنا المسالمة .. .فعلا تمكن صاحب الة الجوزة التي تعود لعصور زرياب من نقلنا من ترف التانغو إلى نرفزة واقعنا/الحاننا… وبكى عود المبهر سعد بكاء الفاقد لامه
ثم “نزلت”القطعة الثالثة حاملة اسم (دم .تك وعود) . وهي عبارة عن مونولوج للفنان مع آلته ..”الموسيقى هي نغم وإيقاع” هكذا قدمها كلمات ، أما لحنا فقد جاءت حوارا لأوتار العود والإيقاع، لنفس الآلة .نفس الأصابع تغازل الأوتار وفي نفس الوقت تحرك قلب العود /الخشب .
ومع تصفيق الجمهور لهذا الأبداع ارخى العازف سعد محمود قبلة على جيد معشوقته.
ثم انتقلت المجموعة لتقديم قطعة مستوحاة من تراث البحرين أو بالأصح من قوالبه الغنائية تحت اسم “صوت” وهذه المرة سنسمع أكثر لالة الايقاع البحرينية الصغيرة المسماة “مرواس” .
قبل أن تعود للأرشيف لإعادة عزف احدى الأعمال المشهورة (ليت لي جناح ) من تأليف شريف محي حيدة سنة 1924
وعود على بدء وبخمرة الشاي التطواني وانسلال تحفة.”.. يا بنت بلادي سلبوني عينيك….” ابدع الرائع سعد محمود جواد قطعة “شاي” جعلت الحاضرين ينتقلون من الانبهار والاستماع الصامت إلى المشاركة في الغناء ….
تجانس المبدعين الثلاث في مجموعة “ميلوديك ” تجعلك تدور رغما عنك بين طرب وشجن.. هو الأبداع حقا وهي المتعة الحاصلة لا محالة
.برافوووو لاهل البحرين.
خارج التغريدة:
وانا أصاحب المبدع العازف سعد محمود إلى حافلة النقل بعد انتهاء الحفل. قال له الصديق شكري. _صاحب شركة النقل _ “ضع العود هنا في المؤخرة ….”نظر اليه محمود مجيبا”هذا ابني لا افارقه. ”
فقال له شكري .”أصلحه الله”..ضحكنا …