عبد الواحد أحتيتش
تضاعفت مبيعات الأدوية في ظرف عشرة أعوام و بلغت أكثر 1235 مليار دولار سنة 2018 و تستحوذ 10 شركات على ما يقارب ثلث هذه المبيعات و حققت أرباحا قاربت 60 مليار دولار و قامت بتوزيع حوالي 61 مليار دولار على المالكين أي كامل الأرباح ؟ و تعرف مبيعات أدوية أمراض السرطان تزايدا و منذ سنوات تحتل الصدارة بأكثر من 7% و تجب الإشارة أن رقم معاملات بعضها تجاوز 10 مليار دولار سنويا و بنسبة أرباح تجاوزت 80% كدواء Herceptin الشائع الاستعمال في أمراض سرطان الثدي.
هذه المبالغ الضخمة هي ما يغذي الحسابات البنكية لمديري و حاملي أسهم هذه الشركات و هي ما يقلقون لأجله و كل ما يتعلق بفعالية و سلامة الأدوية يأتي في آخر الأولويات و هذا ليس بغريب على شركات تأسست على منطق ربحي لكن الغير الطبيعي هو الترخيص لأدوية غير فعالة و خطيرة و هذه مسؤولية الدولة و المؤسسات الصحية الرسمية.
منذ سنوات تعمل المجلة الطبية الفرنسية Prescrire على نشر تقارير لتقييم الأدوية الجديدة المرخص لها عبر العالم و تكمن أهمية هذه التقارير في كون الجهة الصادرة عنها إحدى الصحف الطبية القليلة المستقلة أي الخارجة عن سطوة شركات الأدوية و من جهة أخرى فهي تضم 93 مادة فاعلة للعشرات من الأسماء التجارية للأدوية و للعديد من التخصصات الطبية تعتبرها المجلة خطيرة و غير فعالة و تطالب بضرورة سحب الترخيص لها و العديد منها يتم تسويقه بالمغرب.
يستند الترخيص للأدوية الجديدة المستعملة في أمراض السرطان – مع بعض الاستثناءات المحدودة – على القوة التسويقية و الترويجية للشركات المصنعة أكثر منها على الخدمة العلاجية التي يقدمها الدواء،هذا المنحى تزايد في العقدين الأخيرين و قد نُشِرت العديد من الدراسات في مجلات عالمية تؤكد تزايد حدة هذه الظاهرة و شملت بعضها سجلات تراخيص الوكالة الأوروبية للأدوية و هي المؤسسة الرسمية للترخيص للأدوية على مستوى الاتحاد الأوروبي و غطت الفترة الفاصلة بين 2009 و 2016 و شملت 68 دواء مخصص لعلاج أمراض السرطان و قد جاءت خلاصاتها على الشكل التالي:
-
73% أي 44 من بين 68 دواء لا يتوفر على دليل حول أية منافع على مستوى تمديد حياة المرضى
-
53% أي 36 من بين 68 دواء لم يبرهن عن أية منافع لدى المرضى على تحسين الحياة اليومية أو تمديد مدة العيش حتى بعد مرور أكثر من 3 سنوات على تسويقها
-
في الحالات القليلة لوجود فعلي على مستوى تمديد مدة عيش المرضى فإن معدلها يبقى هامشيا مقارنة بكلفتها المادية و أعراضها الجانبية
-
يُمنح الترخيص لأدوية حتى بغياب تجارب سريرية لمقارنة فعاليتها مع أدوية أخرى موجودة
-
غالبية الأدوية تحصل على ترخيص التسويق اعتمادا على تجربة سريرية واحدة و غالبا لا تستند إلى قاعدة طبية صلبة أو يشوبها التزوير