يوسف بلحسن
باكرا ،انسللت هاربا , بعدما أطفأت “الملعون” ، في المحطة وجهني الصديق سعيد إلى حافلة مكناس تلك التي تمر عبر مدن وقرى الطريق الوطنية …
لطالما قلت لصديقي “مدير الديوان “في سفريات سابقة:”أنا مثل “الملعوق”خالد أكره الطريق السيار لأنه يصيبني بالملل وأفضل السفر حتى فردوس “أوزوت” عبر الوطني …
هذه المرة بدون إخبار ولا إنذار سافرت لوحدي ،كنت قد برمجت خرجة لجبال” تلاسمطان ” والمبيت في إقامة جبلية ” وتلك متعة لا تقدر” .. .لكن الأقدار _وحسنا فعلت _ حملتني للقاء صديق عزيزي يحمل اسمي كذلك.
معرفتي بيوسف الأستاذ الباحث تعود لسنين ، لا أذكر اللحظة كيف بدأت ، ولكنها من حسنات” الفايس اللعين “وعندما كان يتفضل بزيارة مرتيل كانت شلتنا تسعد بلقائه ومناقشته فهو انسان بشوش مثقف ومتشعب الفكر وله إلمام بعلوم عديدة، ورغم مشاغل عمله في التدريس إلا أنه منكب حاليا على أطروحة جيدة حول أهمية المذهب المالكي وامتداداته التاريخية والسياسية ….
وكعادة كرماء الوطن أخرج يوسف من “جعته” وقتا ثمينا لمصاحبتي المفاجئة والغير المبرمجة أصلا..
من ساحة ” الهديم ” المشعة بالفرح والغبطة ،عبرت أزقة وحارات وسط حياة مملوءة بالتجارة والكد وعلى “انغام” اللهجة المكناسية الجميلة ،دلفت لألقى يوسف بعدما ساعدني ساكنة المنطقة على تبين المكان .
أخدني الصديق يوسف في اتجاه “سبع عيون”…رغم سفرياتي السابقة لم يسبق لي أن وصلت إلى هذه المدينة الصغيرة القريبة من العاصمة الإسماعيلية ، فضاء رحب آخر ينضاف إلى مفكرتي .
يوسف قدمني إلى أصدقائه ،شلة بشوشة :مصطفى،محمد.لحسن وعبد الكريم “الفنان” ارتجل لحنا ترحيبيا بلهجة الشرق ولغة موليير ..( وربما ندعوه ليكون عضوا في مهرجان الظاهرة الغيوانية .عليه فقط أن يحفظ متنا مشاهبيا أو غيوانيا.) وكعادة الكرماء رفض يوسف أن أذهب الى الفندق … في بيت العائلة الكريمة كانت الاستضافة المغربية الأصيلة ذاك الإحساس بأنك جزء من العائلة أينما كنت جومن أي مكان أتيت…الوالد والوالدة الكريمين يصران على المكوث أطول وقت.
ولكن الوقت لا يسمح ،صباحا خرجنا عبر جولة أخرى قصيرة في مدينة المولى اسماعيل.
شخصيا أحب تلك الفترة من حكمه تحيلني وتذكرني برابط تاريخي مع مدينتي مرتيل(مرتين) …،تذكر كتب التاريخ انه في عهد المولى اسماعيل وفي ضفة وادي مرتيل التاريخي(في منطق الدرع الميت الحالي ) تم توقيع اتفاقية كبرى للمملكة مع امبراطوريتي فرنسا وانجلترا من أجل السلم العالمي وسلامة الممر البحري الكبير بمضيق جبل طارق …آه كم انت عظيم يا وادي مرتيل .
داهمني الوقت لطارىء عجل برحيلي قبل شبعي من الصديق ومن مكناس .الخير فيما اختاره الله .
الأكيد أن الزيارة الغير المبرمجة لمكناس أعادت برمجة عقلي والأهم حققت آصرة المحبة وصلة الرحم مع الأحبة.
وباذن الله وحالما تسمح الظروف سأعود للهديم ولشجرة الزيتون ولحارات وناس هذه البقعة الجميلة لاقضي وقتا أطول.
يوسف أيها العزيز ..انت وعائلتك الكريمة وكل من معك لكم مني حبا خالصا .في انتظار زيارتكم مرة أخرى لمرتين…
على الهامش أو بالأصح في صلبه : نفحني الصديق يوسف كتابين للدكتورة نادية الشرقاوي هي آخر ما أنتجته :
الأول(ناقصات عقل ودين بين مدلول النص واستنباطات الفقهاء وأهمية السياق )
والثاني بعنوان (السمؤال المغربي وجهوده في علم الأديان من خلال كتابه”بذل المجهود في إفحام اليهود”.
.