معطي مول جيب يأكل الغلة و يسب الملة

 

بقلم : ابوعلي

ما إن وضعت الانتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة أوزارها السياسية، حتى انبرى الفائزون يبحثون عن تشكيل التحالفات الحكومية والهيئات المحلية المنتخبة، وانزوى في المقابل الخاسرون يلملمون شظايا الهزيمة ويضمدون جراحهم، بينما تطرف فريق ثالث يمثله المعطي منجب وفؤاد عبد المومني وسعيد العمراني وعبد اللطيف حماموشي وفتيحة أعرور ومن معهم، لدرجة أصبحوا فيها من دعاة “الردكلة السياسية” في المنصات والشبكات التواصلية.

وقد بدا لافتا من خلال تدوينات هذا الفريق الثالث، المفعمة بخيبة الأمل والمطبوعة بالتطرف والراديكالية في المواقف، أن طريقة ونتائج الانتخابات الأخيرة كانت صادمة وغير متوقعة لأتباع هذا الفريق، ليس لأنها حجّمت كثيرا حزب العدالة والتنمية وأعادته لحجمه الحقيقي، وليس لأنها حملت عزيز أخنوش إلى منصب رئيس الحكومة، ولكن لأن المغرب نجح في هذا التمرين الديموقراطي في محيط إقليمي لا يعترف بمخرجات صناديق الاقتراع، واستطاع أيضا أن يقطع الطريق على مناط وجود هذا الفريق، الذي ما انفك يعتبر رهان “إحراج المغرب” بمثابة السبب الوجودي الذي يضمن له البقاء والاستمرارية.

 

فالمعطي منجب بلغت به الصفاقة حد الاستفزاز، وتطرف كثيرا في الحرية إلى حدود الشطط والتعسف في استعمال الحق، عندما تجاسر ونشر صورا مركبة لا تعبر عن واقع الانتخابات وحياد المؤسسات الدستورية بقدر ما تؤشر عن عدم حيادية وموضوعية من يقدم نفسه فاعلا حقوقيا. والمثير أن المعطي منجب لم يجد مبررا ومسوغا جادا ل”بسالته” وهو ينشر تلك الصور المركبة سوى “التظاهر برغبته في تمكين الممتعضين من نتائج الانتخابات من التفويج والترفيه عن نفسهم بالضحك”!. فهل لهذه الدرجة قست الانتخابات الأخيرة على المعطي منجب وجعلته يتسلح ب”البسالة وقلة المروءة” في التدوين؟

أما سعيد العمراني فلم يتلاعب بالهزل في موطن الجد، متأسيًا بما قام به المعطي منجب، وإنما ذهب بعيدا عندما نصب نفسه عضوا في المجلس التأسيسي للثورة الفايسبوكية، يرشح الأسماء التي ستصلح لتدبير المغرب، ويزكي نفسه والشخصيات التي قال أنها ستشكل جبهة الإنقاذ الجديدة، وكأنه يحن لجبهة الإنقاذ الجزائرية لكن في نسخة “قاعدية يسارية”، مادام أنه يرى البديل في حزب النهج الديموقراطي.

ولأن العصيان الافتراضي والثورة الفايسبوكية يحتاجان إلى ناطق رسمي باسمهما، يحشد الهمم ويشحذ الأنصال ويمتشق الحسام، فلن نجد أحسن من سعيد العمراني الذي كان صادقا في تدوينته وهو يطالب بالتسلح “بالجرأة الكافية لتقديم النقد الذاتي عن أخطاءنا (وكان يقصد أخطائنا المجرورة)! فالرجل كان منسجما في تدوينته عندما أخطأ لغويا في معرض الحديث عن الأخطاء السياسية. فمثل هذا الرجل الذي تفضحه زلاته اللغوية هو من نحتاجه ليقترح علينا من يتولى قيادة جبهة الإنقاذ وتدريس أبنائنا الأخطاء!! أكثر من ذلك، سنعيش “انفراجا” كبيرا مع سعيد العمراني، لأنه الشخص الوحيد الذي يفرج المعاناة بأن يجعل التاء فيها مبسوطة منفرجة وليست مربوطة كما يكتبها أصحاب لغة الضاد.

وحال فؤاد عبد المومني ليس ببعيد عن سعيد العمراني والمعطي منجب، فالرجل دخل مؤخرا في متاهة تقريع الذات وجلد النفس وهو يطالب بمحاربة الريع ولصوص المال العام! فهل من حق فؤاد عبد المومني أن يستفيد من تسهيلات المغرب الأخضر وإعفاءات الجمارك عن السلع والتجهيزات الفلاحية من أجل تجهيز ضيعته المترامية بسيدي بطاش بضواحي ابن سليمان ؟ وهل من حق من يمتهن الفلاحة من باب “الإقطاعية اليسارية” أن يزاحم صغار الفلاحين والملاكين في التسهيلات التي تقدمها لهم وزارة الفلاحة؟ بالطبع ليس من حقه، لأن العبرة من هذه التسهيلات هي مساعدة الفلاح الصغير وليس زيادة “الشحمة” في خاصرة وأرداف فؤاد عبد المومني.

فمن أجدر بالخضوع ل”ترانسبرنسي” والشفافية؟ هل من يستفيد من تسهيلات وإعفاءات الدولة بدون وجه حق لدرجة صار يكنى معها بنفس تسمية مقاولته الحقوقية “عبد المومني ترانسبرنسي”؟ أم من دخل الانتخابات وخاض غمارها في جو موسوم بالتنافس مع باقي الفرقاء السياسيين؟ فمن المؤسف حقا أن يتناقض “الحقوقي” بين الفعل والقول، فتجد رضابه يسيل دافقا على المال العام إذا كان مستفيدا، بينما تجده ساخطا ويلمزك في الصدقات إذا لم يكن من المستفيدين.

وليس هناك أفضل من الختام ب”المناضلة الكونية” فتيحة أعرور، التي دعت بنفس لسان سعيد العمراني إلى تشكيل “بنية سرية” لإحداث التغيير! وحبذا لو كانت هذه البنية الظلامية لا تتواصل بالتقنيات الحديثة، وتضم حكماء من مختلف الأعمار وتتسلح بالتحفظ والتفرغ للمهمة المقدسة! فهذه هي الشروط الدنيا التي حددتها فتيحة أعرور قبل وضع المتاريس ونصب المناجيق إيذانا بحشد اليسار صوب التغيير بعيدا عن صناديق الاقتراع.

ولعل المثير للسخرية والاستغراب في وقت واحد، هو أن فتيحة أعرور الناطقة من فرنسا طالبت ببنية بعيدة عن كاشفات الضوء ومجلس سري لإحداث التغيير من بوابة اليسار، بينما طالب سعيد العمراني من بلجيكا بجبهة للإنقاذ بنكهة يسارية أيضا؟ فهل توحدت إرادة هؤلاء الفرقاء في الثورة واختلفت في التسميات؟ أي أنهم اختلفوا في الشكل دون الجوهر. أم أن نجاح الانتخابات الأخيرة تسبب في خيبة أمل عارمة وتصدع عميق في صفوف العدميين، فخرج كل واحد منهم من جحره الفايسبوكي يجتر خطاب السبعينيات مثلما تجتر الشاة علف المساء.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

x

Check Also

هذا هو الحكم الذي أصدره القضاء في حق مدير مدرسة افتض بكارة تلميذة

طنجة  اليوم : متابعة قال  موقع. أخبارنا ، ان  غرفة الجنايات بالرباط ...