طنجة اليوم : حسن المرابط
عندما تزور مدينة القصر الكبير، لا شيء يوحي بأنك في زيارة إلى مدينة لا يزال عبق التاريخ يفوح من محيطها، فهي المدينة التي اشتهر اسمها بمعركة وادي المخازن الشهيرة. هنا تجرع المستعمر مرارة المقاومة، بمنطقة تعتبر من أقدم المناطق التي عمرها الإنسان، حيث تم اكتشاف رسوم ونقوش حجرية بالجبال المحيطة بالقصر الكبير ، لكن المدينة حاليا تعيش في واقع بئيس لا يليق بتاريخها العظيم.
وسط الروائح الكريهة، وغياب النظافة، والبناء العشوائي، ومنازل آيلة للسقوط، وتجار المخدرات، يعيش حوالي 126.617 نسمة حسب إحصاءات 2014، ومنها 29514 أسرة تنحدر من المدينة، فيما يقطن بها 114 أجنبيا، وقد دق هذا الرقم ناقوسا تحذيريا من خلال تسجيل ارتفاع ملحوظ مقارنة مع إحصاء سنة 2004، والذي حصر السكان في حوالي 125.000 نسمة
ويسجل الزائر لمدينة القصر الكبيرى المنازل المغلقة والمدون عليها «للبيع»، منتشرة بشكل مثير، كما تستأثر الآيلة للسقوط بحصة الأسد، خصوصا بحي «الديوان» الواقع في المدينة القديمة، كما تعتبر كل من مناطق «الزكاكرة» و«المناكيب» و«الكشاشرة»، الأكثر فقرا وإجراما، بسبب انعدام دور للشباب، وكذا تغييب كلي لهذه المناطق من طرف المجلس البلدي ، فضلا عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي لاتزال مشاريعها معلقة بالمدينة تنتظر، في وقت يعتبر وسط المدينة الذي كان من الواجب إيلاؤه أهمية قصوى بحكم كونه واجهة المدينة التي يتجه إليها الزوار والسياح الذين يغيرون تصورهم حين النزول من محطات المدينة التي لا تفتح شهية الزائر للدخول إلى بقية أحياء القصر الكبير، خصوصا واجهة سوق سبتة، إذ لا صوت يعلو فوق قبضة الباعة المتجولين، ما أدى إلى تضرر كلي للاقتصاد المحلي، فضلا عن الضرر الذي يلحقه بالاقتصاد الوطني، الذي يتغذى من ضرائب التجار، بعد أن أغلق التجار الأصليون محلاتهم، في الطابق العلوي من السوق الرئيسي، بسبب تعرض تجارتهم لكساد واضح، كما تسبب الأمر في فوضى عارمة عادة ما تؤدي إلى جرائم وعراك بسبب «الاقتتال» حول الأمكنة المخصصة لـ«الفراشة»،
وحتى برامج المجالس المنتخبة التي تعاقبت على تسيير المدينة أسقطت منها المشاريع التنموية التي من شأنها إزدهار المدينة و المواطن القصري ، و اهتمت فقط بدعم جمعيات لم تقدم للمدينة أي شيء سوى تحقيق مصالحها الخاصة ، و الدليل هو أنه رغم سياسية الترقيع ، فإن المدينة تفتقر إلى مراكز صحية و ثقافية و رياضية و معامل و غيرها من الخدمات العائبة عنها.