( طنجاوة) يخلدون الذكرى 75 لزيارة أب الوطنية الملك محمد الخامس لمدينتهم
طنجة اليوم : و.م.ع
تشكل زيارة جلالة المغفور له محمد الخامس لطنجة في9 أبريل من سنة 1947، التي حلت اليوم السبت ذكراها ال 75، عنوانا بارزا لوحدة المغرب وتماسكه.
و حسب مقال للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، فإن زيارة السلطان محمد الخامس إلى. عاصمة الشمال، هي امتدادات لحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944، ومن الإرهاصات الأولى لملحمة ثورة الملك والشعب المباركة، التي يتماهى المغاربة في كل سنة بإحيائهما والاحتفاء بهما بما يليق بهما من مظاهر الاعتزاز والفخر والإكبار واستقراء دروسهما وعبرهما واستلهام قيمهما ودلالاتهما ، كما يعتبر الاحتفال بذكرى زيارة محمد الخامس إلى طنجة مناسبة لاستحضار الخطاب التاريخي الذي أىقاه أب الوطنية وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، يعكس روح المقاومة المغربية في النضال للمطالبة الواضحة بالاستقلال وتحقيق الوحدة الوطنية والترابية للمملكة.
وشكلت الزيارة الملكية الميمونة إلى مدينة طنجة منعطفا حاسما في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، وحدا فاصلا بين عهدين ، عهد الصراع بين القصر الملكي، ومعه طلائع الحركة الوطنية، وبين إدارة الإقامة العامة للحماية الفرنسية، وعهد الجهر بالمطالبة بحق المغرب في الاستقلال أمام المحافل الدولية وإسماع صوت المغرب بالخارج، خاصة وأن العالم آنذاك كان يتطلع لطي حقبة التوسع الاستعماري والدخول في مرحلة تحرير الشعوب وتقرير مصيرها بنفسها.
وأشار المقال الى أن الزيارة الخاصة لمدينة البوغاز تؤكد بوضوح تام التلاحم القوي الذي جمع على الدوام بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي، وقد خصصت ساكنة مدينة طنجة استقبالا حارا للموكب الملكي جددت من خلاله تمسكها بالعرش والجالس عليه، وتفانيها في الإخلاص لثوابت الأمة ومقدساتها، واستعدادها للدفاع عن كرامة البلاد وعزتها.
وقد جاء الخطاب التاريخي الذي ألقاه الملك الراحل في فناء حدائق المندوبية بحضور ممثلين عن الدول الأجنبية وهيأة إدارة المنطقة وشخصيات عدة مغربية وأجنبية، ليعلن للعالم أجمع عن إرادة الأمة وحقها في استرجاع استقلال البلاد ووحدتها الترابية، حيث قال جلالته في هذا الصدد : “إذا كان ضياع الحق في سكوت أهله عليه، فما ضاع حق من ورائه طالب، وإن حق الأمة المغربية لا يضيع ولن يضيع …”.كما أكد جلالته من خلال خطابه التاريخي، نظرته الصائبة وطموحاته المشروعة في صون مستقبل المغرب، وأبرز جلالته آنذاك بهذا الخصوص: “فنحن بعون الله وفضله على حفظ كيان البلاد ساهرون، ولضمان مستقبلها المجيد عاملون، ولتحقيق تلك الأمنية التي تنعش قلب كل مغربي سائرون …”.
لقد كان خطاب جلالته رسالة واضحة المعالم والمضامين في مواجهة الأطماع الاستعمارية بحيث أوضح رحمه الله أن عرش المغرب يقوم على وحدة البلاد من شمال المغرب إلى أقصى جنوبه، وأن مرحلة الحماية ما هي إلا مرحلة عابرة في تاريخ المغرب، والتي شكلت في حد ذاتها حافزا رئيسيا لوعي المغاربة بأهمية الموقع الجيواستراتيجي الذي يتبوأه المغرب.
ولعل اختيار مدينة طنجة له دلالات كبيرة، وهي التي خصها جلالة المغفور له محمد الخامس بقوله: “وأن نزور عاصمة طنجة التي نعدها من المغرب بمنزلة التاج من المفرق، فهي باب تجارته ومحور سياسته…”.
بالإضافة إلى ذلك، فقد كان لهذه الزيارة جانب روحي، إذ ألقى جلالة المغفور له محمد الخامس يوم الجمعة 10 أبريل 1947 خطبة الجمعة، وأم المؤمنين بالصلاة في المسجد الأعظم بطنجة، حاثا الشعب المغربي على التمسك برابطة الدين، باعتبارها الحصن الحصين للأمة المغربية ضد مطامع الغزاة.
وكان للرحلة الملكية التاريخية إلى طنجة وقع بمثابة الصدمة بالنسبة لسلطات الحماية التي أربكت حساباتها، فأقدمت على الفور على عزل المقيم العام الفرنسي “ايريك لابون”، ليحل محله الجنرال “جوان” الذي بدأ حملته المسعورة على المغرب بتضييق الخناق على القصر الملكي وتنفيذ مؤامرة النفي.