تظل مرتين صغيرة في نظرنا وإن كبرت وأصبحت عملاقة ،ولصغرها في نفوسنا ظلت علاقاتنا مع بعضنا مطبوعة بالتلقائية وعدم التصنع ،خاصة اذا كانت”العشرة” عميقة ولعقود من اللقاءات والمعاملات اليومية…
أنت تعرف صاحبك من معاملته وأخلاقه وليس من مكانته ،أصبحنا نعرف خفايا بعضنا بل ونفسيات بعضنا البعض ، ولما وقعت الأحداث الأخيرة والتي ارتبطت ببعض رجال الأمن بالمدينة ، أحست المدينة بأن شيئا غير منطقي نزل ،ليس لأننا ملائكة في هذه المدينة ولكن لأن تطورات هذا الملف وما يمكن أن تفرزه بعد انتهاء التحقيقات والمحاكمة ،يشكل قفزة كبيرة وصدمة لم تكن منتظرة ولا حتى متخيلة .
لن أدخل في صلب القضية فهي بيد القضاء ،(وأسال الله أن يخفف على أهل الميت وأن يجعل للامر مخرجا) ،ولكني شخصيا ولما سمعت بأسماء بعض رجال الأمن استغربت ،هل يعقل أن يقوم السيدان .ب. و .م بما هو متهمان به ؟ وما الذي وقع بالفعل؟
أعرف بنعيسى مند عقود طويلة ،انسان بسيط جدا ،بل هو أبسط من أن يكون عنيفا ،تبدو على ملامحه صفات “المسكنة ،”يبتسم في وجهك ويتحدث إليك بتلقاىية وكأنك من أهله , أذكر ذات مرة من أكثر من عشر سنوات ،أحضرت الوالدة رحمها لتبصم على وثيقة البطاقة الوطنية ،كانت يومها كبيرة في السن وشبه عاجزة عن الصعود درجات الكوميسارية حتى مكتب البصمات ،شاهدها وبتلقائية صعد بنفسه واحضر الدفتر حتى باب الكوميسارية ،لا أعتقد أنه كان مكلفا يومها بقسم البصمات ولكن إنسانيته حركته ،وهكذا تجده مع الناس ,لا أعتقد أن أحدا يحمل له ضغينة ،هو موظف وإنسان بسيط ،كان ينتظر الأيام الأخيرة قبل إحالته على التقاعد، حتى نزل القدر .
الصديق الآخر في نفس القضية ،”محمد “،نفس التلقائية في التعامل ،تراه أثناء جولات الحراسة الليلية أو النهارية ،يسلم على الكل عبر فتحة سيارة الأمن الكبيرة .،”أهلا عمو ” كيف الحال ،؟ يرد من الفتحة بكلمات لبقة والابتسامة لا تفارق محياه ،وإن لقيته في باب الكوميسارية ،نفس الشخصية البسيطة ،لا تركبه غجرفة المهنة ولا قوة اللباس ،يتعامل بتلقاىية وببساطة ,هو موظف بل هو انسان بسيط ،كان كذلك ينتظر الأيام الأخيرة قبل إحالته على التقاعد ،حتى نزل القدر ،ما وقع مؤخرا أوقع في أنفسنا وقعا وألما، نحن ساكنة مرتيل ورغم وشوشاتنا النادرة، نميل إلى السلم الإجتماعي والأرقام والاحصائيات تؤكد ذلك ولله الحمد(وأكيد أن لرجال الأمن بالمدينة دور. مهم في هذه الايجابيات ) وعلاقاتنا مع بعضنا سواء موظفين أو عمال أو سلط أو رجال أمن مطبوعة بالتفاهم والصبر على بعضنا ،وليس غريبا أن تجد مواطنا عاديا يلج الكوميسارية أو يتصل بأحد رجالات الامن بشكل عفوي في المقاهي والأزقة ،لا يظهر ذاك الحاجز السلطوي هنا ،هنا القرب والصداقة والتقدير بارزة كقيم إنسانية قبل الوظيفية ,لذلك كان للأحداث الأخيرة المؤلمة وقع علينا .
كما سبق أن قلت القضية الآن في يد القضاء ،وأملنا كل أملنا أن يجعل الله للأمر مخرجا يرضي كل الأطراف ويخفف من آلام ما وقع على كل الأطراف وعلى كل العائلات.