
يوسف بلحسن
وأنت تلج عبر سلسلة جبال الريف، بين تلك المنحدرات والمرتفعات، يبدو لك الفضاء، من أول وهلة ،صغيرا .تعتقد أن الحسيمة محدودة الأفق أو أن فضاءاتها وأمكنتها لن تتطلب منك سوى ساعة أو ساعتين لتضبطها… وسرعان ما تكتشف قلة تصورك للفضاءات….
يأخدني داك” الريفي “في جولات لا تنتهي ويرسم ويخطط بدون علمي لتكون إقامتي هذه المرة أكثر متعة .. وكما نقول في أمثلتنا الشعبية “اللي بغا نينو يسهر الليل كولو”.
مع وصولنا ليلا تبدا المرحلة الأولى لملىء العين بجمال الطبيعة والأرض في ساعات متأخرة. يعتقد الكثيرون ان البحر فضاء للسباحة فقط ولذلك فجماله يبدو تحت وهج الشمس فقط …ونعرف نحن أبناء البحر أن مكامن الإغراء في هذا” الجسد “الطبيعي متعددة واحداها مخفي في جنح الظلام ..تلك الهمسات الجميلة لأمواج قصيرة تصطدم برمال “باصادينا وماطاديرو وكارا بونيطا .ايزلي..

او تلك التي تتعرى غصبا عنها عندما تصطدم بجبل “كيمادو”. وتلك” الباطيرات” المصطفة في الميناء كجميلات ينتظرن الدخول لقصر الفرح….. وذاك الكم من سمك المنطقة الحامل “لبذرة اللذة “بشكل لا مثيل له ..يصر عبد الحميد على جلستنا هناك للعشاء “وامتصاص” نسمة البحر ولا أستطيع أن اخفي فرحتي انا ابن البحر قبل البدء .. ثم من قال أن السمك لا يؤكل في ساعات متاخرة ليلا وفي ميناء الحسيمة ؟
رغم الساعة المتأخرة لانصرافي.. استيقظ الغد باكرا ومقبل على” مارتون ” آخر مع هذا الريفي .

المشي هوايتي والمرور باحياء موروا بييخو….المنزة سيدي عابد مينادور ..وسط المدينة حي مرموشا…ينعش ذاكرة حميد .يتحدث لي عن اساطير المنطقة عن امال الناس .عن قوة صبرهم وعما عانوه عبر التاريخ ويقول:”لكي تفهم فكر الناس عليك ان تقرا تاريخهم .أن تعرف الأعاصير التي واجهوها :من البشر ومن الطبيعة ..”.
…الحسيمة فاتنة.. هي آلة عزف مرهفة ستصيبك بألم الغرام وهياماته مهما حاولت التعقل …ستجعلك ترسم خيوط رحلتك القادمة .ففي آخر المطاف ما للعاشق من دواء سوى وصل معشوقته.
…..يتبع..