طنجة اليوم : رشيد اليعقوبي
غرصة غنام بحي مرشان فضاء جميل مطل على مضيق بوغاز جبل طارق ، منه يمكنك أن ترى بالعين المجردة القارة الأوروبية .وبعض السيارات التي تجوب شاطىء المدينة الإسبانية القريبة من طنجة ، و أيضا البواخر التي تدخل و تخرج من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي و العكس صحيح ، هذا الفضاء حوله سكان طنجة إلى متنزه يحجون إليه صباحا و مساءا .
ولغرصة غنام أيضا رمزية تاريخية تصنف ضمن خانة تاريخ البحر الأبيض المتوسط ، فهي تضم مقبرة للرومانيين ودلت الأبحاث التي قام بها بعض المهتمين بمجال الأنثروبولوجيا ، أن الحفريات التي القيام بها بغرصة غنام مابين 1910و 1960 تم فيها الكشف عن 98 قبرا ، 50 منها من الصخر الكلسكي علي شكل مستطيل وطوله 180 م وعرضه 60 سنتيم وعمقه 70 سنتمترا لـــــم يتبق منها حاليا إلا القليل.
الأثار بغرصة غنام تعود الي الفترة البونية والبعض الاخر إلى الفترة الرومانية إبان القرن الاول الميلادي وخلال فترة الاحتلال الروماني لمنطقة طنجة.
و تم خلال الحقبة الرمانية تنظيف القبور وتفريغها من محتواها لتترك المكان لمدافن اخري تؤرخ للمرحلة النهائية لاستعمال هذه القبور في فترة الامبراطورية الرومانية السفلي ، أي مايعادل نهاية القرن الرابع الميلادي ـ426 ـ395 بعد الميلاد.
هذه المقابر الرومانية بغرصة غنام تم نهبها و التفريط فيها من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالأثار و الثقافة و أيضا من قبل المجالس المنتخبة المتعاقبة على تسيير المدينة ، و الدليل أن هذه المقابر تحولت إلى ما يشبه مراحيض عمومية يتبول و يتغوط فيها المتسكعين و المتشرذبن .
طنجة مدينة أقدم من التاريخ ومع الأسف وحوش العقار دمروا أثارها و حطموا كل شيء يرمز لأصالتها ، فهي المدينة المغربية الوحيدة التي تم التلاعب في تاريخها و القضاء على مأثرها التي لا تقدر بثمن.